تقدّم مدرسة عمر بن الخطاب الأساسية للبنين أنموذجًا في العمل الجاد لإشراك أولياء الأمور في تنمية أطفالهم.
تقع هذه المدرسة الصغيرة حجمًا وعددًا في قرية صغيرة في محافظة الطفيلة، وتمتاز أيضًا بأنّها مدرسة للبنين فقط وكافة معلميها من الذكور. ومن الشائع في الأردن أن تركّز مدارس البنين على الانضباط بشكلٍ كبير، لكنّ هذه المدرسة تكسر الصورة النمطية ويسعى مديرها الدكتور حمد، بدعمٍ من الكادر التدريسي، لإشراك الآباء في عملية تعلّم أبنائهم قدر الإمكان. ويعترف أنّ ذلك قد يكون صعبًا أحيانًا قائلًا: "...من الصعب عليهم زيارة المدرسة أحيانًا بسبب انشغالهم في العمل، لكنّنا نحاول دائمًا ترك الأبواب مفتوحة حتّى يشعروا بأنهم موضع ترحيب تام". ويضيف: "لا نُشعرهم بالذنب إذا لم يستطيعوا المشاركة دائمًا، لكنّا نثني عليهم عندما يشاركون".
بالنسبة إلى هذه المدرسة، يتعلّق إشراك أولياء الأمور بدعوتهم إلى الصف، وعقد الاجتماعات لمناقشة خطط التعلّم الفصلية، ومساعدتهم في تعلّم كيفية دعم تعلّم أبنائهم في المنزل. يقول الدكتور حمد: "لدينا خطط فصلية نشاركها مع أولياء الأمور"، ويردف قائلًا: "أولياء الأمور على درايةٍ بما نفعله، ويوجّهون إلينا دائمًا الأسئلة التي تراودهم أو أية استفسارات بشأن الأمور التي يريدون العمل عليها في المنزل مع أبنائهم". وبالإضافة إلى الاستماع إلى أولياء الأمور، يحرص الدكتور حمد والكادر التدريسي أيضًا على إبلاغ أولياء الأمور بما هو متوقع منهم خلال العام الدراسي.
"في اجتماع مطلع العام من كل عام دراسي، نوزّع نموذجًا على الآباء لمعرفة ما يودّون أن نفعل لهم خلال الفصل الدراسي، ونوزّع عليهم ورقةً لإبلاغهم بما نودّ منهم أن يقوموا به. نحن نعمل بروح الفريق، والآباء يروق لهم الاضطلاع بدورهم".
لقد أنشأت المدرسة سجلًا للقراءة من أجل تتبّع مدى قراءة الطلاب في المنزل، ويوزّع المعلمون قصةً أسبوعيًا على الطلاب لقراءتها في المنزل مع أولياء أمورهم. وبعد الانتهاء من قراءة القصة، يناقش أولياء الأمور القصة مع أبنائهم باستخدام الأسئلة المقرّرة من المعلمين. وبعد الانتهاء من مناقشة القصة، يرسم الطلاب رسمةً صغيرةً لما تعلّموه من القصة، ويوقع أولياء الأمور عليها. بالنسبة إلى الأستاذ محمد، فإنّ هذا النوع من الأنشطة يفسح مجالا أوسع لإشراك أولياء الأمور في عملية تعلّم أبنائهم.
"المهم هو التأكد من فهمهم واستيعابهم للعبرة من القصة بحيث تعكس رسوماتهم ذلك. إنّ هذا يساعد الطلاب على الإبداع، ونقوم بتعليق أعمالهم الفنية في المدرسة لزيادة رغبتهم/دافعيتهم نحو القراءة بشكل أكبر".
وينسِب الدكتور حمد فضلًا كبيرًا إلى أولياء الأمور، ويعترف بأنّ نجاح هذه الأنشطة يُعزى إلى مساهمتهم ، حيث "يخصّص أولياء الأمور الوقت لذلك؛ يقرأون مع أبنائهم ويساعدونهم ويشجّعونهم. لا يمكننا القيام بهذا النشاط دونهم".
كما تتكيّف المدرسة مع احتياجات الطلاب ذوي صعوبات التعلّم، وتضع خططًا تدريسيةً فريدةً، وتستخدم طرائق التدريس المناسبة لمساعدتهم على التعلّم. يوضّح الأستاذ محمد أنّ أحد الطلاب الحاليّين يعاني من صعوبة في النطق، وأنّه عمل مع وليّ أمره والمعلمين الآخرين على وضع خطة تعلّم فريدة له. يقول: "بدأنا بعرض صورٍ مرتبطةٍ بالحروف والكلمات على الطالب، ثمّ بدأنا ببطءٍ في العمل على نطق الحروف، حيث ترتبط كل صورة بحرفٍ معيّن".
لقد تمّ تطوير هذه الأساليب بالتعاون مع وليّ أمر الطالب لضمان فهمه المادة قدر المستطاع، حيث يوضّح الأستاذ محمد: "لم نُرِد من الطالب حفظ أسماء الحروف، بل فهم أصواتها، بحيث يستخدم وليّ أمره نفس الأسلوب في المنزل للتأكد من تحقيقه تقدمًا كبيرًا". وقد حقّق الطالب نتائج باهرة، ووفقًا للأستاذ محمد: "إنّه يحقّق تقدّمًا مذهلًا، ووالده سعيدٌ للغاية لمشاركته في ذلك."
تقدّم هذه المدرسة دليلًا على أنّ إشراك أولياء الأمور أحد مفاتيح النجاح، لاسيّما للطلاب ذوي الاحتياجات الإضافية. لقد عمل الدكتور حمد والكادر التدريسي بجدٍ واجتهاد للوصول إلى هذه النقطة، وهو يشيد بالشراكة الثلاثية الضرورية لإشراك أولياء الأمور وتطوير المدرسة وتحقيق النجاح. يقول الأستاذ راهف: إنّ "الإشراك يتضمّن ثلاثة أطراف: المعلّم والأسرة والبيئة المدرسية. إذا كان هناك تعاون بين هذه الأطراف الثلاثة، يستطيع الأطفال النجاح وتحقيق أي شيء". ويتفق معه في هذا الرأي زملاؤه والدكتور حمد.