مدرسة السيلة هي مدرسة أساسية مختلطة تقع في قرية صغيرة شمال الأردن، وتُدرِّس الصفوف من الأول وحتى الرابع. وعلى الرغم من أن هذه المدرسة صغيرة الحجم ومحدودة الموارد إلى حد ما، إلا أن مديرة المدرسة ومعلماتها أبدوا تفانياً مثالياً في إشراك أولياء الأمورفي تعليم المهارات القرائية والتعلُّم بشكل عام.
عملت مديرة المدرسة السيدة نهى الحموري في مجال التعليم لأكثر من 20 عاماً، وتقول إنه في حين يُعتبر إشراك أولياء الأمورعملية طويلة، إلا أن الأمر كله يبدأ مع المديرين والمعلمين أنفسهم، وأن إشراك أولياء الأمور لم يكن مهمة سهلة بالنسبة لهذه المدرسة؛ إذ إن أولياء الأمور يتوقعون في كثير من الأحيان أن تتحمل المدرسة وحدها المسؤولية عن تعلُّم أبنائهم. وإذ تُسلِّم السيدة نهى بالدور الرئيسي الذي تلعبه المدارس تقول:
"... يجب على المدارس أن تُسند لأولياء الأمور دوراً قيادياً؛ للتأكد من أنهم يتولّون قيادة تعلُّم أبنائهم في المنزل."
لقد قطعت المعلمات في مدرسة السيلة، بدعم السيدة نهى، شوطاً طويلاً في إشراك أولياء الأمور، وكانت الخطوة الأولى التي اتخذنها لمعرفة ما يمكنهن القيام به هي إجراء مناقشات مع أولياء الأمور لفهم ما يحتاجونه من المدرسة.
تقول السيدة نهى:
"لقد بدأنا بإجراء مناقشات مع أولياء الأمور في بداية العام الدراسي لفهم مخاوفهم واحتياجاتهم، وحاولنا وضع خطة للعمل معاً". وتضيف: "إحدى أكبر المشاكل التي واجهتنا أن أولياء الأمور حين لا يفهمون الدروس والمواد التي نرسلها إلى المنزل لا يقومون بمراجعتها مع أبنائهم، بل ويشتكون من أن المواد صعبة للغاية. لذلك قررنا أن نجلس مع أولياء الأمور لمعرفة جوانب المواد الصعبة من وجهة نظرهم لحلّ هذه المشكلة معاً."
لا تشجّع هذه الاجتماعات أولياء الأمور على المشاركة بشكل أكبر فحسب، بل تساعد أيضاً على كسر حواجز التعلُّم التي تقف عائقاً أمام أولياء الأمور الذين كانت تجربتهم الشخصية مع المدرسة صعبة.
وتضيف أن المعلمات تعاملن مع هذه المشكلة بطريقة بسيطة أخرى وهي دعوة أولياء الأمور إلى الغرف الصفية. ووضحت السيدة نهى أن حضورهم إلى الصف الدراسي ساعدهم على الحصول على أفكار حول كيفية العمل مع أبنائهم والتعلُّم من المعلمات حتى يصبحوا أكثر إلماماً بالأساليب والمواد التي يتعلمها أبناؤهم. وتقول السيدة نهى إن المدرسة شهدت استجابة إيجابية من أولياء الأمور عندما زاروا الصفوف؛ حيث ساعدت الزيارات الصفية أولياء الأمور والمعلمات على تطوير طريقة موحدة للتدريس والتعلُّم في المنزل والمدرسة، بحيث لا يشعر الطلبة بالارتباك نتيجة الاختلاف بين طريقة تعلُّمهم مع معلماتهم وطريقة تعلُّمهم مع أولياء أمورهم.
أما بالنسبة للسيدة نهى والمعلمات، فلم تكن زيارات الصفوف الدراسية كافية؛ حيث أدركن أن ثمة حاجة إلى توفير إرشادات إضافية لأولياء الأمور حول كيفية ممارسة أنشطة القراءة والكتابة في المنزل مع أبنائهم. ونتيجة لذلك، وضعن "خطط دروس" لأولياء الأمور الذين يحتاجون إلى دعم إضافي لاستخدامها مع أبنائهم. وترى السيدة نهى والمعلمات أن هذه الخطط مهمة بشكل خاص لتحسين المهارات القرائية في اللغة العربية لدى الأطفال.
ولا يتوقف التعاون عند هذا الحد، حيث تتواصل المعلمات في مدرسة السيلة مع أولياء الأمور بشكل يومي. فبالإضافة إلى صفحة المدرسة على "فيسبوك"، تتوفر مجموعات "واتساب" لكل صف ولكل شعبة، ويمكن للمعلمات التواصل مع أولياء الأمور مباشرةً لإبقائهم على اطلاع دائم بما يحدث في الصف الدراسي وأهداف التعلُّم للأسبوع، والأنشطة التي يمكن لهم القيام بها مع أبنائهم في المنزل لدعم أهداف التعلُّم.
"لا نريدهم أن يتعلموا الحروف والكلمات من خلال الكتب فحسب، بل إننا نؤمن بالتعلُّم العملي، فعلى سبيل المثال: عندما تقوم المعلمات بتدريس الحروف يوزعن معجون اللعب على الطلبة ويطلبن منهم تشكيل الحروف باستخدامه، ومن ثم يرسلن بعض المعجون معهم إلى المنزل حتى يتسنى لهم تكرار ذلك مع أولياء أمورهم، الأمر الذي يحافظ على مشاركة أولياء الأمور ويُمكّنهم من رؤية أطفالهم وهم يتعلّمون."