تقع مدرسة السهل الأساسية في قبو مسجدٍ وسط محافظة عجلون، وهي مدرسة للبنين من الصف الأول إلى الثالث، وتعتبر مثالًا جيدًا للمدارس التي تسعى جاهدةً لإشراك أولياء الأمور في تعلّم أطفالهم وتنمية مهاراتهم القرائية. وتكرّس مديرة المدرسة -الفاضلة فاطمة غريز- نفسها للتأكد من تحقيق كافة الطلاب إمكاناتهم الكاملة، وضمان اضطلاع أولياء الأمور بدور أساسي في دعم تعلّم أطفالهم. وتدرك المديرة ذات الخبرة الطويلة التي تتجاوز 20 عامًا من العمل في قطاع التعليم حقيقةً مهمة، وهي أنّ أولياء الأمور هم من يدعمون التعلّم مدى الحياة، رغم أنّ المدرسة هي أساس التعلّم.
وتوضّح المعلمة رلى أنّ المدرسة تذهب إلى مدى أبعد من المبادرات الوطنية والحكومية لتشجيع الطلاب على القراءة، وتفيد بأنّ: "ثمة العديد من البرامج التي نتّبعها، لكنّنا نرغب أيضًا في تقديم برامجنا الخاصة". وتدرك المعلمات أهمية تنمية مهارات الكتابة والقراءة باللغة العربية الفصيحة، ولذا يشجّعن الطلاب على صياغة الجمل والقراءة واستخدام المفردات الرئيسة باللغة العربية الفصيحة.
كما تعمل المعلمات مع أولياء الأمور لتعليم النطق الصحيح للكلمات والحروف الساكنة وحروف المد باللغة العربية الفصيحة، ويساعدنهم على تعلّم أساليب التدريس التي يستخدمنها في الصف. توضّح المعلمة رلى قائلةً:
"لا نريد أن يتعلّم الطلاب بطريقةٍ في الصف وبطريقةٍ مختلفةٍ في المنزل، ولذلك نعلّم أولياء الأمور الطريقة التي نستخدمها لتعليم الطلاب". كيف يقمن بذلك؟ "نرسل مع الطلاب أوراق عمل إلى أولياء أمورهم في المنزل، ونرسل رسائل عبر تطبيق "واتساب" تشرح لأولياء الأمور ما نريد منهم فعله مع أطفالهم في المنزل".
يُعدّ التواصل جانبًا أساسيًا بالنسبة إلى المدرسة، والمشاركة القوية من جانب أولياء الأمور تعني تعلّمًا قويًا للطلاب.
بالإضافة لما سبق تنظّم المدرسة مسابقات قراءة سنوية لتشجيع الطلاب وأولياء الأمور على المشاركة من أجل جعل القراءة أكثر متعةً. تقول المعلمة حدادة: "نبلغ أولياء الأمور مسبقًا عندما تكون لدينا مسابقة للقراءة حتّى يتمكّنوا من الاستعداد مع أطفالهم". وترى المعلمات أنّ هذه المسابقات تجري في أجواء إيجابية وتشجّع الأطفال على القراءة أكثر في المنزل لأنّهم سيحظون بالفرصة للقراءة أمام زملائهم لاحقًا.
كما تعمل المعلمات مع المديرة باستمرار لطرح الأفكار والاستراتيجيات الجديدة من أجل إشراك أولياء الأمور في تنمية المهارات القرائية. وتشير المعلمة رلى إلى أنّ المدارس ترتكب خطأً عندما لا تُشرك أولياء الأمور، موضحةً: "كلّنا في المركب نفسها ونسعى صوب الهدف ذاته وهو مساعدة الأطفال على التعلّم. ولذلك فإنّنا نعمل معًا". وتحاول المعلمات تضمين القراءة في المواد الدراسية قدر الإمكان. تقول المعلمة رلى: "إنّ المعلمات يدعون أولياء الأمور إلى الحصص الاختيارية التي يتم تقديمها مرتين أسبوعيًا، ويطلبن منهم قراءة القصص للطلاب من أجل زيادة دافعيتهم نحو القراءة في المنزل والقراءة مع أولياء أمورهم. كما يتم التوسّع بشكل أكبر أحيانًا من خلال منح الطلاب وقتًا لرسم الرسومات حول النص المقروء أو أداء مسرحية قصيرة. في الحقيقة، لقد ساعد إشراك أولياء الأمور في حصص الفراغ هذه الطلاب على تنمية مهاراتهم في القراءة".
تضرب مدرسة السهل مثالًا للمدرسة التي تركّز على فهم احتياجات أولياء الأمور، حيث توزّع المعلمات استبانةً على أولياء الأمور مطلع كل عام دراسي لمعرفة آرائهم بشأن احتياجات أطفالهم، وذلك ليتمكنّ من تحديد تلك الاحتياجات والعمل على تلبيتها في الصف. تشير المعلمة حدادة إلى أنّ أولياء الأمور ممتنّون لذلك وتقول: "تساعدنا الاستبانات على فهم احتياجات الطلاب... يدرك أولياء الأمور ذلك وتزيد رغبتهم في العمل معنا حتّى نتمكّن من تحقيق تلك الأهداف".
وتقول المديرة إنّ المدرسة تحقّق نتائج إيجابية مع أولياء الأمور من خلال توفير قنوات الاتصال المفتوحة هذه، إذ تقول: "نتلقى مكالمات هاتفية يومية من أولياء الأمور الذين يشكروننا ويسألوننا عمّا بوسعهم فعله، وما إذا كان بإمكانهم الحضور والجلوس في الصف للتعلّم من معلّمات أطفالهم". وبالإضافة إلى دعم المعلمات، تقول المديرة إنّ مدرسة السهل تُولي الأولوية لإشراك أولياء الأمور، لاسيّما في القراءة، وذلك لأنّ القراءة تساعد على فتح أبواب غير محدودة للطلاب. وتوضّح: "نريدهم أن يحبّوا القراءة، لذلك نقرأ لهم. ونطلب من أولياء أمورهم القراءة لهم. ونطلب من أولياء أمورهم الحضور والقراءة للطلاب في الصفوف". وتحرص المعلمات أيضًا على إبقاء أولياء الأمور على اطلاعٍ دائمٍ على الأنشطة والدروس القادمة، ولذلك يرسلن لهم رسائل حول ما سيفعله الأطفال في الأسبوع القادم، حتّى يتمكّن أولياء الأمور من طرح الأسئلة أو التحضير أو المشاركة.
وليس هذا كل شيء، حيث تقدّر المديرة والمعلمات الجهد الذي يبذله أولياء الأمور ويكرّمونهم باستمرار. تقول المعلمة حدادة: "نمنح شهادات لأولياء الأمور الأكثر مشاركة؛ حيث ننظّم احتفالات وفعاليات لشكر أولياء الأمور ومنحهم الجوائز وتقدير جهودهم"، وتضيف: "يد واحدة لا تصفّق، إذ لا بدّ من يدين اثنتين للتصفيق. واليد الثانية هي أولياء الأمور بالنسبة إلينا".
يشيد أولياء الأمور بجهود المعلمات، ويدركون أهمية إشراكهم في تعلّم أطفالهم وقيمة التعاون بين أولياء الأمور والمعلمات. على سبيل المثال، تقول إحدى الأمهات: "أطفالنا يتحسّنون في القراءة حقًا. نقرأ لهم في الصف، ونناقش الكتب معهم... هذا يساعدنا كثيرًا". كما أنّ الأنشطة التي يعمل عليها أولياء الأمور مع أطفالهم في المنزل مصممةٌ وفق مستويات أطفالهم واحتياجاتهم. وتفتخر المعلمات بفهمهنّ التباين بين مستويات الطلاب، ويدرك أولياء الأمور أهمية معرفة ما يجب فعله مع أطفالهم في المنزل على وجه التحديد. وهنا نقتبس قول إحدى الأمهات: "تطرح المعلمات أيضًا أنواعًا مختلفة من الأسئلة لمعرفة مدى تحسّن مستوى أطفالنا. وهذا أمر جيد لأنّك تعلم أن الأطفال يستطيعون العمل على نقاط ضعفهم وتحسينها، وأنّ كلَّ طفل يُكلّف بفروضٍ وأنشطةٍ فرديةٍ تلبّي احتياجاته".
بصورة عامة، تدرك المديرة والمعلمات أنّ إشراك أولياء الأمور هو مفتاح النجاح في تعلّم الطلاب. بالنسبة إليهنّ، فإنّ القراءة تفتح الأبواب لمستقبلٍ مشرقٍ - المستقبل الذي يُرِدنَ لطلابهنّ.