بغضّ النظر عن شعورنا نحو المدرسة، سواءً بالحب أو بالكراهية؛ كان هناك دوماً معلم مفضل كنّا نتطلّع إليه , يضحك معنا ويساعدنا عندما نكون بحاجةٍ إليه ويجعلنا أقدَر على تحمُّل المرحلةٍ الثانوية، وهو الشخص الذي ما زلنا نتذكره حتى هذا اليوم. والسؤال هو ما الذي جعل هذا النوع من المعلّمين مميزاً للغاية؟ هل يعود ذلك إلى مستواهم التعليميّ المتقدم؟ أم أن لمعرفتهم المتعمّقة في الكثير من المواد مثل الكيمياء أو الأحياء أو التاريخ دوراً في ذلك؟ ربما... ولكن قد لا يكون كذلك.
قد خصّصت مع بعض الخبراء من تحالف المعلّمين الموجود ضمن التحالف العالمي لمنتدى التعليم والمهارات الوقت لفك السر الذي يجعل بعض المعلّمين فريدين ومحفزين، وبكل بساطة، متميّزين. عملنا على تحديد السُّبل التي تمكّن التعليم والمعلمين من "تغيير العالم"[1]. كما أننا نؤمن بأن مفتاح التعليم الجيد والعادل هو الوصول إلى معلمين ذوي جودة عالية.
إذن ما الذي يميز المعلمين المتميّزين ؟ لقد عملنا في "تحالف المعلمين" على التعرّف إلى الصفات والسمات التي تجعل من المعلمين فعّالين عند تعاملهم مع أطفال من خلفياتٍ اقل حظا[2]. كما سعينا للإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بسُبل التعرّف إلى أفضل المعلمين وجذبهم للعمل في مدرستك، وبحثنا في السُّبل التي تساعدك على إبقائهم محفزّين. وكيف يمكنك أن تساهم في تطوير المعلّمين المتميّزين؟ وقد طبقنا ذلك من خلال إجراء استطلاعات ومقابلات مع معلمين من مجتمع "سفراء معلمي فاركي".
وتشير بعض النتائج الرئيسة في التقرير إلى شعور المعلمين بالحب والرعاية نحو الطلبة والأطفال، حيث يجد المعلمون الفعّالون الإلهام والتحفيز لدى الأطفال. وكانت الصفات المهيمنة على المعلمين الفعّالين هي التراحم واللطف والصبر والتعاطف والمثابرة. وهي العناصر التي ساهمت في بناء العلاقات بينهم وبين طلابهم. ويعتقد هؤلاء المعلمون أن التعليم هو المفتاح لتغيير الحياة والمجتمعات.
وبعيداً عن المعتقدات والمفاهيم، فإن المعلّمين الفعالين هم أولئك القادرين على التكيّف؛ وأولئك الذين يتعلمون سُبل تدريس كل طفل كمتعلّم وككيان منفصل؛ وأولئك الذين يعملون على تخصيص تجارب التعلّم للأطفال ويتكيفون مع الزمن من خلال النمو والتطور الذي يدور حولهم من حيث التكنولوجيا والمنهجيات التربوية الجديدة وأنماط التدريس المختلفة. ويتفكّر هؤلاء المعلّمون في أساليبهم في التدريس ونتائج طلابهم، كما يتعلمون التكيّف بناءً على ما يلاحظونه. وحتى عند مواجهة التحديات، يستطيع هؤلاء المعلّمين التكيُّف مع المشاكل التي تواجههم ويتمكّنون من تجاوزها.
كذلك أظهر التقرير أن هؤلاء المعلمين الذين يعملون مع الأطفال الأقل حظا يواجهون العديد من التحديات، حالهم كحال أي معلم (أو محترف يعمل في هذا المجال!). فقد لا يمتلك المعلّمون الذين يعملون مع الطلبة الأقلَّ حظاً الموارد اللازمة لدعم طلابهم، والتي قد تكون شيئاً بسيطاً مثل حصول الأطفال على قلم رصاص وورقة. والأهم من ذلك أن الاحتياجات الاجتماعية - العاطفية لهؤلاء الطلبة الذين يواجهون صعوباتٍ هي احتياجاتٌ يجب معالجتها من قبل هؤلاء المعلمين. ومع ذلك، حتى عند مواجهة مثل هذه المحنة، نَجد هؤلاء المعلمين واقفين ومبتسمين ويعملون على تدريس طلابهم.
وقد أبرز تقرير التحالف العالمي لمنتدى التعليم والمهارات العديد من العوامل المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تحديد أفضل معلّم، ذلك القادر على بناء أفضل الروابط مع الأطفال وتعليمهم بشكلٍ أكثر فاعلية، وما هي السِّمات التي تجعل من المعلمين المفضلين مفضلين لدينا؟ وتقع هذه الأمور خارج نطاق مؤهلات ومهارات المعلّمين البسيطة ومهاراتهم الشخصية ودوافعهم وحماسهم الحقيقي والجاد نحو طلابهم وعملية التدريس.
[1] تقرير عن صفات المعلّمين الفعّالين الذين يدرّسون الأطفال المحرومين (صفحة ٥) https://www.varkeyfoundation.org/sites/default/files/Qualities%20of%20effective%20teachers%20who%20teach%20disadvantaged%20students_4.pdf
[2] يرجى الرجوع إلى الملاحظة الهامشية أعلاه.