يعتمد تحسين مخرجات التعلّم، وهو في الحقيقة الغرض الأساسي من أي نظام تعليمي، على مزيج من القيادة الجيدة والاستراتيجية ذات الرؤى الواضحة والعمل الجاد وذلك لتحقيق النتائج. وفقاً لتقديري، تساهم القيادة الجيدة بنحو 10%، وتساهم الاستراتيجية بـ 20%، أما المساهمة الأكبر البالغة 70% فتعود إلى المهمة الأصعب المتمثلة في التأكد من أن كل هذه الجهود تؤدي إلى إحداث تغيير إيجابي في الصف الدراسي.
ما المجالات التي ينبغي أن تركز عليها هذه الجهود؟ أو بعبارة أخرى، ما الذي تفعله النظم المدرسية الناجحة؟ في وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي آخر نتائج اختبارها الدولي لتقييم الطلبة (بيزا) الذي يقيس ما يعرفه الطلبة في سن 15 عاماً من جميع أنحاء العالم وما يمكنهم فعله. وتُظهِر قراءة لأحدث النتائج أن هناك تحسناً للأردن ومجالاً لتعزيز وتحسين جهودنا.
ووفقاً لهذه النتائج، فإن البلدان الثلاثة صاحبة النظم المدرسية الأعلى أداءً هي أولاً الصين (بكين وشانغهاى وجيانغسو وتشجيانغ) وثانياً سنغافورة وثالثاً ماكاو (الصين). تختلف هذه البلدان كثيراً عن الأردن، ولكن هذا لا يعني أنه ليس هناك ما نتعلمه من هذه الدول الأكثر تفوقاً. وفيما يلي ستة دروس تتبادر إلى الذهن في هذا الصدد:
-
النظم المدرسية الناجحة لديها رؤية لما يجب أن يكون عليه التعلم والتدريس: حيث تعمل هذه الرؤية على توجيه، ويتم تجسيدها في، كل قرار متعلق بالسياسة أو طلب تمويل أو إجراء يتم اتخاذه. ويتيح ذلك لجميع أجزاء النظام المدرسي أن تسلك الاتجاه نفسه. وبالتالي تعتبر الدعوة إلى هذه الرؤية وتوضيحها، وتوضيح ما يتطلبه الأمر لتحقيقها، جزءاً أساسياً من العمل الذي يقضي قادة النظام وقتهم عليه.
-
النظم المدرسية الناجحة تجعل مهنة التدريس مهنة جذابة: حيث يتمحور الأمر جزئياً حول الأجر، ولكن ليس تماماً. على سبيل المثال، يُعتبر التقدم الوظيفي وظروف العمل من الأمور الهامة كذلك.
-
النظم المدرسية الناجحة تقوم بإعداد المعلمين الجدد قبل دخولهم الصف الدراسي: أي أنها تزودهم بالمعرفة حول الموضوع الذي سيقومون بتدريسه، وتتيح لهم الكثير من الفرص للممارسة والحصول على التغذية الراجعة في الصفوف الدراسية، وتضمن أن المعلمين لديهم فهم لكيفية حدوث التعلم الناجح استناداً إلى العلم.
-
النظم المدرسية الناجحة تنظر إلى التطوير المهني للمعلم على أنه مهمة مستمرة: كل ما نعرفه عن موضوع اكتساب الخبرة يشير إلى أن هذه العملية لا تتم مرة واحدة. واعترافاً بهذا الأمر، ترى النظم المدرسية الأعلى أداءً أن دورها يتمثل في ضمان حصول المعلمين على الدعم والحوافز والتوقعات المناسبة لتوسيع دائرة خبرتهم طوال حياتهم المهنية.
-
النظم المدرسية الناجحة تضمن تزويد المعلمين والمتعلمين بالموارد التي يحتاجون إليها للتدريس والتعلّم: يوجد في كوريا الجنوبية متحف للكتب المدرسية، ما يدلّ على الأهمية التي توليها لتحسين الموارد التي توفرها لمدارسها بشكل مستمر. من الموارد الأخرى التي تتبادر إلى الذهن، على سبيل المثال، توفير أدلة معلمين عالية الجودة، وفي حصص اللغة العربية، تقديم مجموعة واسعة من النصوص الجذابة والمناسبة لأعمار الطلبة، بحيث يمكن للأطفال تعلم القراءة، من خلال القراءة.
-
النظم المدرسية الناجحة هي نفسها تتعلم: بالنظر إلى تركيزها على تحسين مخرجات التعلم، فإنها تستخدم مجموعة متنوعة من الأساليب لفهم مدى جودة أدائها لهذه المهمة، وما يجب أن يحدث بعد ذلك. ومن الأمور التي تترتب على ذلك إجراء تقييمات وطنية مرتبطة بالمراحل الرئيسية للتعلم، والتي سيستفيد منها كل من وزارة التربية والتعليم والمدرسة ومعلم الصف والمتعلمين وأولياء الأمور.
يتعين على كل دولة وضع هذه الرؤى في سياقها وفقاً لظروفها وثقافتها. كما يجب عليها أن تتأكد من وجود القدر المناسب من التحدي والصعوبة، أي ألا يكون أكثر من اللازم بحيث يفوق طاقتها، وألا يكون أقل من اللازم بحيث يجعل التقدم بطيء للغاية.
إلا أنه إذا لم يتم إحراز التقدم في هذه المجالات الستة، فمن غير المرجح أن يسير النظام المدرسي على مسار التحسين المنشود.