مع دخول العام الثامن على النزاع السوري، لا يزال الأطفال السوريون أكبر ضحايا هذا النزاع. وقد عملت الدول المضيفة للاجئين في المنطقة، بالتعاون مع المنظمات الدولية، بلا كللٍ ولا ملل لحماية تحاشي وقوع التنبؤات المقلقة التي تشير إلى ظهور "جيل ضائع". وقد عكس مؤتمر دعم سوريا والمنطقة[1]، الذي عُقد في عام ٢٠١٦ في لندن، أمثلةً غير مسبوقة على الالتزام والوحدة، حيث تم التعهد بتقديم أكثر من ١٢ مليار دولار للمساعدة. وفي الأردن، تُرجمت هذه الجهود إلى مبادرات طويلة الأمد، مثل خطة الاستجابة الأردنية ٢٠١٨-٢٠٢٢، التي تسعى إلى تعزيز جودة التعليم للجميع. واليوم، تقدّم الأردن أحد أفضل الظروف الفريدة والمعقدة لأطفال اللاجئين السوريين وتعليمهم.
أنواع التعليم للأطفال السوريين في الأردن
يوجد في الأردن حوالي ٦٦١٨٥۰ لاجئ سوري مسجلون رسمياً[2]، الأطفال أكثر من نصفهم[3]. وعليه، عملت وزارة التربية والتعليم في الأردن جنباً إلى جنب مع المنظمات الدولية لتزويد الأطفال اللاجئين السوريين بالتعليم من خلال مبادرات للتعليم النظامي وغير النظامي وغير الرسمي. ولكن هذه المبادرات تختلف أيضاً عبر المجتمعات في المخيمات وخارجها.
كان ٦٤٪ من الطلبة اللاجئين السوريين مسجلون في المدارس الرسمية في عام ٢٠١٦. ويحصل أطفال اللاجئين السوريين على التعليم النظامي من خلال نوعين : المدارس العادية ذات الفترة الواحدة والمدارس ذات نظام الفترتين. وفي المدارس العادية يتم دمج الأطفال الأردنيين مع أطفال اللاجئين السوريين. أما في نظام "الفترتين" وهو النظام الأكثر شيوعاً، فهناك مجموعتان من فترات الدراسة: الفترة الصباحية للأطفال الأردنيين، والفترة المسائية لأطفال اللاجئين السوريين. ولزيادة التسجيل في التعليم النظامي، من المتوقع أن يصل عدد المدارس التي تعمل بنظام الفترتين إلى ٢٠٩ مدرسة في جميع أنحاء المملكة ليرتفع عدد الطلاب في التعليم النظامي من ١٢٦١٢٧ في ٢٠١٦-٢٠١٧ الى ١٣۰٣٨٢ في ٢٠١٧-٢٠١٨[4]
وتقدم برامج التعليم غير النظامي حصص تعويضية للأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس والذين تتراوح أعمارهم بين ٩ و١٢ سنة ولم يعودوا مؤهلين للالتحاق مباشرة بالتعليم النظامي. لذا تساهم هذه البرامج في دمج الطلبة السوريين اللاجئين في التعليم النظامي[5].
وبالنسبة للأطفال الذين لم يعودوا مؤهلين للتسجيل في برامج التعليم النظامي أو غير النظامي، فيمكنهم التسجيل في برامج التعليم غير الرسمي مثل برنامج مكاني من يونيسيف[6]. وتقدم برامج التعليم غير الرسمي برامج التعلّم البديل وبرامج الدعم النفسي الاجتماعي وفرص المهارات الحياتية.
كذلك تختلف تجارب الطلبة اللاجئين السوريين في هذه البيئات اختلافاً كبيراً. فقد أظهرت الأبحاث تناقضاتٍ في نتائج عملية التعلم ومعدلات التسرُّب والحضور والرفاه. وعلى سبيل المثال، في الوقت الذي تؤدي فيه برامج التعليم النظامي وغير النظامي إلى الحصول على شهادات، إلا أن هناك أيضاً آثاراً واعدةً للبرامج غير الرسمية تتمحور حول تعزيز القدرة على التركيز على مهارات بناء السلام وتعزيز التماسك الاجتماعي بين المجتمعين الأردني والسوري[7]. ومع ذلك، فإن هذه الأشكال الثلاثة من المبادرات التعليمية لا تزال تواجه بعض التحديات بسبب العوامل المعقدة متعددة الطبقات.
التحديات
كان للاستجابة لهذا الطلب غير المسبوق على المساحات التعليمية آثاراً ضارةً على الأردن، بما في ذلك موارده واستقراره وجودة خدماته. كما أدى نظام الفترتين إلى تقليص عدد الساعات المدرسية لجميع الأطفال - الأردنيين والسوريين على حدٍ سواء. وقد أثارت هذه العوامل، بالإضافة إلى تحمل المعلّم المزيد من أعباء العمل، المخاوف حول جودة التعليم المقدّم للأطفال في الأردن.
كما أدت هذه الضغوط إلى ظهور توترات بين الفئتين. فيعاني الطلبة من اللاجئين السوريين من التمييز والتنمّر والعنف في طريقهم إلى المدرسة وحول أماكن الدراسة، التي يبدو أن لها تأثيراً خطيراً على احتمالية تسرُّبهم من المدرسة[8]. ولا تنحصر نتائج هذه الحوادث إلى تضرر قدرات الطلبة في التركيز على التعلّم فحسب، ولكنها من المرجح أن تدفع أولياء الأمور ايضاً لإبقاء أطفالهم في المنزل[9].
العوامل الإضافية
أدى عدد اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن إلى زيادة الفقر والبطالة ومعدلات تكلفة السكن وندرة الموارد للجميع في الأردن[10]. وقد تعزز ذلك بسبب المستقبل غير الواضح الذي يتميّز بمصادر الرزق المحدودة، مما خلق توترات بين الفئتين وأدى إلى استراتيجيات سلبية للتكيف.
وبالنسبة لعائلات اللاجئين السوريين، يستمر الفقر في تعريض الأطفال للاستغلال والخطر. فقد ارتفع عدد الفتيات السوريات اللاجئات المتزوجات دون سن ١٨ من ١٣٪ في عام ٢٠١١ إلى ٣٢٪ في أوائل ٢٠١٤[11]. وبالنسبة للذكور، فإن العمل غير القانوني شائعٌ جداً، حيث تعتمد ٦٠٪ من الأسر في الأردن على المال الذي يحصل عليه الأطفال. وتقف هذه القضايا أمام الجهود التي تبذلها الحكومة والدعم الذي يقدمه المانحون الدوليون لتقديم التعليم للطلبة اللاجئين.
يصعُب تلخيص وضع التعليم لأطفال اللاجئين السوريين وكذلك الأطفال الأردنيين. ولكن مع التزام الحكومة الأردنية ومساعدة المنظمات الدولية، ازدادت سُبل الوصول إلى التعليم. ومع ذلك، ما زال السؤال المطروح للنقاش هو: هل أصبح الطلبة قادرين على التعلُّم في الأماكن الآمنة، وقادرين على وضع الأهداف ويطمحون إلى مستقبلٍ أفضل، ويتعلمون سُبل التعايش بشكلٍ إيجابي مع ما ينجم عن النزاع من حالة من عدم الوضوح.
كتابة: هبة سالم، زمالة الدكتوراة في جامعة كامبردج
[1] https://www.supportingsyria2016.com
[2] https://data2.unhcr.org/en/situations/syria/location/36
[3] http://www.jordantimes.com/news/local/over-half-syrian-refugees-jordan-a...
https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Walk-The-Talk-April2018.pdf [4]
https://www.hrw.org/report/2016/08/16/were-afraid-their-future/barriers-... Jordan
https://www.unicef.org/jordan/overview_12172.html [6]
https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/REACH_JENA_HC_March2015_.pdf [7]
[8] https://www.educ.cam.ac.uk/centres/real/downloads/REAL%20Policy%20Brief%...
%20Student%20A4_FINAL.pdf
[9] https://www.wvi.org/sites/default/files/World%20Vision%20International%2...
Cohesion%20Report.pdf
https://carnegieendowment.org/files/CP_247_Francis_Jordan_final.pdf [10]
[11] https://www.girlsnotbrides.org/child-marriage-and-the-syrian-conflict-7-...