قد شغل دور الروبوتات في مجال التعليم خيال الإنسان لفترة طويلة. ومع شعورنا بالقلق إزاء الثورة الصناعية الرابعة وآثارها على صقل المهارات وإعادة التزود بمهارات جديدة، لا بد أن نتطرق الى الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في مساعدتنا على تحسين آليات التعلم داخل الفصل الدراسي وتهيئة الساحة للجميع على نحو أفضل. وهناك شركة تسعى لتحقيق تلك الغايات وهي شركة «سنتشوري» CENTURY في لندن. ولشركة «سنتشوري» حضور ملموس في مئات المدارس المنتشرة في المملكة المتحدة وحول العالم. وهي تعتبر نفسها بمثابة "منصة تعليم وتعلم ذكية" تركز على "استخدام علم التعلم والذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب" لإنشاء "مسارات متكيفة للطلاب وبيانات تقييم قوية للمعلمين". ولمعرفة المزيد عن رحلة شركة «سنتشوري»، التقت مؤسسة الملكة رانيا مع «بريا لاكاني» Priya Lakhani، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: نود في البداية أن نشكرك لوجودك معنا. متحمسون لمعرفة المزيد عن رحلتك. هل لك أن تحديثنا عن نفسك - وتشاريكنا قصتك في مجال ريادة الأعمال؟
بدأت حياتي المهنية كمحامية متخصصة في قانون التشهير والخصوصية قبل أن أستهل نشاطي التجاري الناجح في مجال الأغذية، «ماسالا ماسالا»، في عام 2008. ثم شغلت عضوية المجلس الاستشاري لوزارة الأعمال، حيث علمت أن ما يقرب من مليوني طفل في بريطانيا وحدها يتعلمون في مدارس متعثرة؛ وهو وضع مأساوي يقف عائقًا أمام المجتمعات في جميع أنحاء الوطن وفي جميع أرجاء العالم.
وأدركت أن الأمور يجب أن تتغير، لذلك عملت على دمج عقليتي في ريادة الأعمال مع أحدث التقنيات التي كانت تدفع وتحسن من أداء معظم القطاعات الأخرى، وفي عام 2015 ظهرت «سنتشوري» إلى النور. و«سنتشوري» هي أول منصة تعليم وتعلم توظف الذكاء الاصطناعي بحق لخدمة المدارس والكليات والجامعات؛ فهي تتعرف على أسلوب تعلم كل طالب وتزوده بمسار مخصص يهدف لإتقان أي موضوع. وهي تحول عمليات منح الدرجات والتخطيط والمهام الإدارية إلى عمليات آلية، وتخلص المعلم من الأعباء وتساعده على التركيز على الهدف الذي جعله ينضم إلى هذه المهنة، أي التدريس.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: ما أكبر التحديات التي تواجهكِ اليوم؟
شهدنا في غضون بضع سنوات توسعًا ملموسًا حيث عملنا مع مئات المدارس في جميع أنحاء العالم، وبمجرد أن يرى مديرو المدارس المنصة، فإنهم يحبونها دائمًا. بيد أن أحد التحديات التي نواجهها هو الوصول إلى المدارس في المقام الأول و ذلك لأن النظام المدرسي في العديد من البلدان، وخاصة في إنجلترا، يتسم بالاستقلالية واللامركزية، حيث تتخذ كل مدرسة على حدة قراراتها الخاصة بشأن الحلول التكنولوجية. ومع ذلك فنحن نحرز انتشارًا بسرعة كبيرة من خلال الترويج الشفهي، ونعمل حاليًا على تطبيق استراتيجية تسويق قوية.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: ما أهم درسين أو ثلاثة دروس استفدتيها من رحلتكِ حتى الآن؟
أولاً، عليك المثابرة والمثابرة ثم المثابرة أكثر. وسيكون عليك مواجهة عدد لا يحصى من العقبات، التي قد يبدو أن العديد منها غير قابل للتجاوز، ولكن عليك أن تكون قادرًا على استجماع قواك والمواصلة. وهذا هو السبب الوحيد الذي جعلنا ننجح؛ لأننا لم نفكر أبدًا في شيء غير ذلك.
ثانيًا، من الضروري أن يكون لديك مجموعة دعم من حولك، ليس فقط لمساندتك عندما تفشل، ولكن أيضًا أشخاص يمكنك مشاركة الأفكار معهم وقياس مدى جدواها. ولقد حالفني الحظ بوجود مثل هؤلاء الأشخاص من حولي، أشخاص في مجلس الإدارة وأصدقاء مؤسسين، مثل إيما سنكلير وجون بوس وجي فرناندو، ولولاهم لما حققنا هذا النجاح.
ثالثًا، عليك أن تعمل في مجال يمثل مصدر إلهام لك شخصيًا. وبالنسبة لي، لا يوجد شيء يسعدني ويشعرني بالرضا أكثر من الالتقاء بمدرس أو طالب يستخدم سنتشوري ويتحدث بعبارات حماسية عن مدى الفائدة التي جناها من استخدامها. وعندما أذهب إلى المدارس ويتحدث معي الأطفال في عمر 8 سنوات عما تعلموه، ثم تلتقي بأولياء أمورهم وتجد أنهم أصبحوا قادرين في النهاية على مواكبة تقدم أطفالهم في المدرسة بشكل جيد، فإن ذلك يجعل العمل لساعات متأخرة وكل جهد بذلته يستحق العناء. ولا يسعك الحصول على مثل هذا الدافع من أي شيء آخر.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: يدخل معظم رواد التعليم إلى هذا المجال بهدف خلق تأثير اجتماعي إيجابي، إضافة إلى عوائد مالية مجزية. كيف توازنين بين رسالة «سنتشوري» والأرباح؟
بالنسبة لي لا يمكن أن يكون هناك ربح بدون رسالة. فالربح يأتي من إعطاء عملائك ما يريدون؛ والمدارس ليست ساذجة، فلا يمكنك القيام بذلك إلا عندما تكون قد أثبت كفاءة منتجك تمامًا وأكدت على أنه سيؤثر بشكل حقيقي وملموس على نتائج هذه المدارس. ولتحقيق ذلك، فأنت بحاجة إلى أشخاص يؤمنون بشدة بما يفعلونه؛ فكل شخص في «سنتشوري» يؤمن حقًا بأنه يعمل على تغيير العالم للأفضل. وإذا كنت تجمع الإيمان الحقيقي والحماسة مع منتج متميز، فإن الربح يصبح مسألة ثانوية تقريبًا. والسعي وراء الربح فقط يقود الريادي الى التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة خاطئة تمامًا.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: ما التوصيات أو الأفكار التي لديك لتحسين حالة الابتكار وريادة الأعمال في مجال التعليم؟ وكيف يمكن للحكومات وواضعي السياسات دعم رواد التعليم أو رواد الأعمال على الصعيد الاجتماعي بشكل أفضل؟
لقد ذكرت بعض التحديات التي يواجهها نظام التعليمي الإنجليزي ، لكن لدينا وزير للتعليم الآن يتفهم الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تحسين التعليم. وهذا أمر بالغ الأهمية لأنه لا يزال أمامنا طريق طويل، وهناك دور كبير يمكن أن تلعبه به الحكومة، بما في ذلك خلق بيئة سياسية مواتية وبرامج تحفيزية مناسبة - وهذا لا يحدث من دون كوادر عمل قادرة على التعامل مع آخر التطورات.
ومن بين القصص الرائعة التي يمكن تسليط الضوء عليها هي برنامج EDUCATE، وهو عبارة عن وحدة أنشأتها بروفيسور روز لوكن في كلية لندن الجامعية لاستكشاف وتطوير استخدام التكنولوجيا في مجال التعليم. وجدير بالذكر أن الدعم الذي قدمته لنا بروفيسور لوكن وفريقها لا يقدر بثمن في ضمان استمرارنا في أن نكون منصة مثبتة الكفاءة قائمة على الأدلة. وأرى أن البيئات الريادية في دول أخرى ستستفيد بشكل كبير من التعاون بين الأوساط الأكاديمية ورواد الأعمال وهو ما يساعد على تطوير أدوات تعتمد على الأدلة وتضع التأثير في مقدمة أهدافها.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: نود أن نشكرك على وقتك وعلى إجاباتك الملهمة. ونتمنى لك و للفريق كل التوفيق في إحراز المزيد من النجاح.