تحدثنا مع سيف - الرئيس التنفيذي لـ مافريكس، "أول مدرسة للتعليم المُدمج في مصر" ليشارك قصته والدروس المستفادة مع الرياديين في قطاع التعليم.
يرجى ملاحظة أنه تم تعديل المقابلة وتلخيصها لغايات الوضوح.
مؤسسة الملكة رانيا: شكراً لك على وجودك هنا معنا. ونحن متحمسون لمعرفة المزيد عن رحلتك. هل تستطيع أن تخبرنا عن نفسك.
سيف: بدأت دراستي في العلوم السياسية وانا لدي اهتمام قوي بالتمكين المجتمعي – وهذا ما كان بالفعل دافعي نحو التعليم. وفي بداية مسيرتي، أسست شركة تُركز على تطوير المهارات والتدريب، إلا أن شركتي الناشئة لم تحقق النجاح. ولكنني تعلمت الكثير وانتقلت إلى شركة Cisco Systems للعمل كمدير تنفيذي لحسابات العملاء حيث كان عليّ أن أركز على العملاء من قطاع التعليم. وفي أواخر عام 2011، كنت متحمساً كالعديد من الشباب من المجتمع المحلي وعملت ضمن فريق لإطلاق أكاديمية التحرير كأول منصة تعليمية رقمية للشباب المصري. ونظراً لظروفٍ مختلفة، اضطررنا إلى إغلاق أكاديمية التحرير في عام 2015؛ ومع ذلك، تركت هذه التجربة بداخلي إلهاماً وطاقةً لمواصلة السعي نحو تمكين الآخرين. بعد ذلك التحقت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة للحصول على شهادة الماجستير في سياسات التعليم. وخلال دراستي العليا شعرت بإلهام لتأسيس شركة مافريكس كأول مدرسة للتعليم المُدمج في مصر. ولقد كان هدفنا انا وشركائي المؤسسين في بناء مافريكس على فلسفة احترام الطابع الفريد لكل طفل - أو كما هو معروف أكثر باسم "التعلم المخصص".
مؤسسة الملكة رانيا: لو سمحت أخبرنا المزيد عن مافريكس. ما الذي يجعل هذه المدرسة مختلفة عن المدارس الاعتيادية؟
سيف: مافريكس هي شركة لإدارة المدرسة تتبع فلسفة فريدة ونموذج شامل. وهناك العديد من العوامل التي تُعطي مافريكس الخصوصية. أولاً، نتجنب المنهجيات السهلة في التعليم، التي تقوم على الاعتقاد بأن جميع الأطفال متشابهون. فنحن نعتقد أن التعليم يحتاج إلى احترام الاختلافات الفردية بين الطلبة. وهدفنا هو أن يحقق المتعلمون نتائج التعلّم نفسها ولكننا ندرك أنهم قد ينتهجون مسارات مختلفة لتحقيق ذلك. ثانياً، نركز بشكلٍ كبير على إضفاء طابع شخصي على تعلم اللغة الإنجليزية والرياضيات - مدركين أن هذه من الجوانب الصعبة الرئيسة على الأهالي في مصر. ثالثاً، لدينا ثقافة مدرسية مبنية على تمكين المعلمين. رابعاً، نؤمن بشدة في التعلّم القائم على المشاريع ونوظف ذلك بشكلٍ منتظم في جميع المناهج الدراسية. وأخيراً، لدينا نظام LMS الخاص بنا الذي استوحيناه من شركات عالمية أخرى في هذا القطاع مثل Alt School وSummit Public Schools.
مؤسسة الملكة رانيا: هذه لمحة رائعة حول ماهيّة مافريكس المميزة. يبدو أنك قضيت الكثير من الوقت في التخطيط لهذه الرحلة. وفي الآونة الأخيرة، كان هناك الكثير من المناقشات حول ما إذا كان التعليم كقطاع هو فريد من نوعه ويتطلب منهجية مختلفة تماماً عن القطاعات الأخرى (حيث كانت النظم التكنولوجية، على سبيل المثال، مبتكرة بشكلٍ أساسي). من وجهة نظرك، هل تختلف الشركات التعليمية الجديدة؟
سيف: تختلف الشركات الناشئة التعليمية اختلافاً جوهرياً عن تلك الموجودة في القطاعات الأخرى. ففي قطاع التعليم لا تعكس الشركات سحر التوسّع بسرعة - والرسوم البيانية المتعلقة بها تُثبت ذلك – بشكلٍ جيد. فالمستخدمون النهائيون لمنتجاتك هم المتعلمين - وفي كثير من الحالات هؤلاء متعلّمين في مرحلةٍ حرجة في حياتهم. لذا يجب اتّباع نموذجٍ أكثر مرونة يعتمد على البحث والتطوير، ومن ثم السعي نحو التوسع تحقيق النقلة النوعية المرجوة. ويعتبر قطاع تطوير الدواء نظيراً جيداً لقطاع التعليم. ومن الدروس الهامة التي يمكن أن يستفيد منها أصحاب مشاريع التعليم هو أنه حتى الأشخاص الذين يحبون التغيير والتجديد، غالباً ما يتوجهون نحو برامج التعليم المجربة التي أثبت أنها ناجحة. أعتقد أن هذا هو السبب في أن معظم البرامج الريادية في قطاع التعليم لا تزال تتبع نماذج التغيير التدريجية.
مؤسسة الملكة رانيا: هذا المنظور مهم جدا، والتشبيه مع اكتشاف الأدوية رائع. لمتابعة هذه النقطة، ما رأيك في أفضل طريقة يمكن أن يتبعها الرياديين في التعليم لإيجاد منتجات تواءم مع حاجة المتعلمين؟
سيف: أنا شخصياً أؤيد اتباع المنهجيات المرنة كلما كان ذلك ممكناً، ولكن كما ناقشنا مسبقاً، في أغلب الأحيان ستجد نفسك غالباً تتعامل مع أطفال كفئة مستهدفة. علاوةً على ذلك، إن التعليم عملية معقدة للغاية، لذلك من المهم أن جداً الاستفادة والتعلّم من المعلمين الموجودين في الميدان وتجاربهم وخبراتهم. هناك نوعان من النماذج التي اقترح اتباعها لإثبات مواءمة المنتجات التعليمية لاحتياجات المتعلمين:
- يمكنك أن تقوم بتطبيق نسخة تجريبية/أولية من مشروعك، على سبيل المثال، يمكنك اختبار منهجية تعلّم مُدمجة لبرامج ما بعد المدرسة بدل من الحصص الصفية، حيث تكون المجازفة محدودة.
- قم بالتركيز على "الحلول الأساسية" أولاً، التي تلبي حاجة العدد الأكبر من المتعلمين، حتى وإن كان ذلك يمنعك من طرح منتج متميز.
مؤسسة الملكة رانيا: نشكرك جزيلاً على هذه المقابلة، لدينا سؤالٌ أخير. يدخل معظم الرياديين هذا المجال بهدف إحداث تأثير إيجابي في المجتمع بالإضافة إلى تحقيق الربح المادي. كيف توازن بين التركيز على التأثير الإيجابي والربح المادي في مافريكس؟
سيف: لأكون صريحاً، من الصعب إيجاد هذا التوازن. لم نتمكن فعلاً من تحقيقه بالكامل بعد. فمن الصعب للغاية العثور على مستثمرين مهتمين بالتأثير الاجتماعي في المنطقة العربية، وكذلك من الصعب إيجاد المستثمرين المهتمين في مجال التعليم بشكلٍ خاص. لذا من المهم جداً علينا قضاء بعض الوقت في زيادة وعي المستهلكين والمستثمرين على حدٍ سواء. كما أن هناك عوامل هيكلية تحتاج إلى استثمارات طويلة الأمد للحصول على التغيير المطلوب. وفي الوقت الحاضر، نجد أن تكلفة التعليم ترتفع بشكلٍ تناسبي مع نمو الطفل. ومع ذلك، إذا كان هدفك هو تطوير متعلمين يعتمدون على أنفسهم في التعلّم المستمر مدى الحياة، فيجب أن تتناقص التكلفة مع الوقت. وعليه، سيكون عليك الاستثمار في سنوات التعليم الأولى لمنحهم المهارات وطريقة التفكير الصحيحة وانتظار جني الثمار التعليمية والمالية في وقتٍ لاحق (بتكلفة أقل لكل طالب). نحن نعتقد أن المتعلمين الأكثر نضجاً هم أيضاً أسهل وتكلفة تعليمهم أقل.
وكما قلت، لم نستطع أن نحقق التوازن الكامل بعد، ولكننا واثقون من أننا سنحقق ذلك في نهاية المطاف.
مؤسسة الملكة رانيا: هل لديك توصيات أو أفكار تساعد على دفع الريادة والابتكار في التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
سيف: هذا سؤال مهم جداً، وربما يتطلب كتابًا لتناول جميع جوانبه! ومع ذلك، سأحاول إبقاء الأمر موجزًا ، فسوف أقدم ثلاثة اقتراحات.
أولاً ، كما ناقشنا نحن نعلم أن عملية التعلم معقدة ويصعب تغيير "النظام" ولذلك نحن نحتاج إلى "مناطق ابتكار" بأطر قانونية خاصة بها حتى نتمكن من تجربة واختبار الابتكارات بسهولة أكبر. مثال عملي هنا هو التشريع المصري القديم حول أحجام الغرف الصفية. تفترض هذه القياسات غرف صفية تقليدية جدًا حيث يقف المعلم مقابل الطلاب (وبالتالي يجب أن يكون على مسافة قريبة). نحن ندير نموذجًا تعليميًا مختلفاً فلسنا بحاجة لهذا النوع من الغرف الصفية.
ثانياً، أعتقد أنه من المهم جداً أن يلعب القطاع العام دور أساسي في ريادة التعليم، ويكون عامل تمكيني ومُيسر بدل أن يلعب دور الجلاد. وأخيراً، نحتاج إلى آليات تمويل خاصة للحلول الإبداعية.
مؤسسة الملكة رانيا: شكرا سيف على وقتك. سعدت بالتحدث معك. تعلمنا الكثير ونحن واثقون من أن الرياديين الآخرين سيجدون هذه الرؤية ثاقبة ومتميّزة.
سيف: إنه لمن دواعي سروري وشكراً لكم على اهتمامكم برحلة مافريكس.