ما هو؟
تُركّز استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ على فهم المتعلّمين النّصَّ المكتوب، عبر تعلّم مجموعة من التّقنيّات الّتي تمكّنهم من استيعاب ما يقرؤون؛ من مثل: استنتاج المعنى من السّياق، وتلخيص النّقاط الرّئيسة أو تحديدها، واستخدام المُنظِّمات البصريّة أو الدّلاليّة، وتطوير استراتيجيّات طرح الأسئلة، ورصد فهمهم الخاصّ، ومن ثَمّ تحديد الصّعوبات وتجاوزها بأنفسهم (انظر أيضًا: ما وراء المعرفة والتّنظيم الذّاتيّ).
غالبًا ما تُدرَّس هذه الاستراتيجيّات للطّلبة في الصّفّ ثمّ يتمرّنون عليها في مجموعات ثنائيّة أو صغيرة (انظر أيضًا: التعلّم التّعاونيّ).
النّتائج الرّئيسة
1. لاستراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ أثرٌ كبيرٌ في المتوسّط (+6 أشهر). وعند تطبيق هذه الاستراتيجيّات بالاقتران مع أساليب الصّوتيّات، فإنّها تشكّل عنصرًا أساسيًّا في تعليم القراءة المبكّر.
2. من المهمّ تحديد المستوى المناسب لصعوبة النّصّ؛ بُغيَةَ توفير السّياق المناسب لممارسة المهارات وتعزيز الرّغبة في التّعامل مع النصّ، مع التّحدّي اللّازم لتحسين مهارات الاستيعاب القرائيّ.
3. يُعد التّشخيص الفعّال لصعوبات القراءة مهمًّا لتحديد الحلول الملائمة لها، خاصّةً للطّلبة الأكبر سنًّا الّذين ما زالوا يواجهون صعوبة في القراءة. وتتمثّل هذه الصّعوبات في تفكيك الكلمات، أو فَهْم بُنية اللّغة المستخدمة، أو فَهْم مفردات معيّنة. وقد تكون هذه الصّعوبات خاصّة بموضوع معيّن.
4. يمكن أن تنجح مجموعة واسعة من الاستراتيجيّات والأساليب، لكن يجب تدريسها للكثير من الطّلبة بشكل مباشر ومُتّسق.
5. من الضّروريّ دعم الطّلبة لتطبيق استراتيجيّات الاستيعاب بشكلٍ مستقلّ على مهامّ القراءة الأخرى وسياقاتها وموضوعاتها.
ما مدى فاعليّة الأسلوب؟
يتمثّل متوسّط أثر استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ في إحراز تقدّم يعادل 6 أشهر إضافيّة على مدى عام. وتتيح أساليب الاستيعاب القرائيّ النّاجحة تصميمَ الأنشطة بعناية بما يتناسب مع مهارات الطلبة في القراءة، وتتضمّن أنشطةً ونصوصًا تشكّل تحدّيًا حقيقيًّا يمكن تجاوزه والتغلّب عليه.
ويمكن دمج العديد من الأساليب بشكل مفيد مع تقنيّات التّعلّم التّعاونيّ وأنشطة الصّوتيّات لتطوير مهارات القراءة. ويُرجّح أن تكون تقنيات من مثل المُنظِّمات البصريّة وجذب انتباه الطلبة إلى خصائص النّصّ مفيدةً، لا سيّما عند قراءة النّصوص التّفسيريّة أو المعلوماتيّة.
وبرغم محدوديّة الدّراسات، فإنّ ثمّة بعضَ الأدلّة على أنّ الأساليب الّتي تتضمّن التّكنولوجيا الرَّقْميّة يمكن أن تحسّن الاستيعاب القرائيّ، لا سيّما عند التّركيز على تطبيق استراتيجيّات محدّدة وممارستها، وعند استخدام مهارات طرح الأسئلة الذّاتيّة.
إنّ دعم الطّلبة الّذين يواجهون صعوبة في القراءة يتطلّب بذل جهود مُنسّقة في المناهج الدّراسيّة جميعها، إضافةً إلى تنويع أساليب التّدريس لتشمل أساليب الصّوتيات والاستيعاب القرائيّ واللّغة الشفهيّة. ولا ينبغي النّظر إلى أيّ استراتيجيّة معيّنة على أنّها حلّ سحري وفوري، ولا بدّ من إجراء تشخيص دقيق لأسباب عدم استيعاب الطّالب للنّصّ الّذي قرأَه، وذلك قبل اختيارِ استراتيجيّات التّدخّل والمعالجة.
بحثت دراسات نُفّذت في العالم العربيّ استراتيجيّات لتحسين القراءة والاستيعاب القرائي، بما فيها: التّعليم المخصّص للقراءة والاستيعاب، والقراءة الاستراتيجيّة التّعاونيّة، والاستراتيجيّات ما وراء المعرفيّة، والقراءة الجهريّة في الصّف، واستخدام التّكنولوجيا الرّقميّة.
وبعد اختبار الاستراتيجيّات ما وراء المعرفيّة في عدد من المدارس في السّعوديّة والأردن تبيّن أنّها زادت مهارة الطّلبة في تحديد معنى النّصوص ودلالتها، وحفّزتهم على التّفكير النّقديّ والتّأمليّ. وخلصت دراسة أجريت في الأردن إلى أنّ التّعليم المباشر لهذه الاستراتيجيّات حقّق نتائج واعدة عندما قام المعلّمون بنمذجة الاستراتيجيّات لطلبتهم. وفي تدخّل آخر حسّن استخدام برنامج رقميّ مصمّم لتعليم القراءة والاستيعاب فهم الطلبة في السّعوديّة للمفاهيم، وطوّر فهمهم الاستنباطيّ والنّقديّ، ونتيجة لذلك تطوّرت مهارات التّفكير العليا لديهم.
غير أنّه ما تزال ثمّة فجوات في الأدب النّظريّ الّذي يحدّد الاستراتيجيّات والتّدخلات الفعّالة الّتي يمكن أن تُحسّن القراءة والاستيعاب القرائي لدى الطّلبة في العالم العربيّ.
ما وراء متوسّط الأثر
أُجريت دراسات أكثر حول طلبة المرحلة الابتدائيّة، لكن يبدو أنّ تدريس استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ فعّال في كلّ من المدارس الابتدائيّة (+6 أشهر) والثّانويّة (+7 أشهر).
برغم أنّ التّركيز الرّئيس ينصبّ على القراءة، إلّا أنّ استراتيجيّات الاستيعاب استُخدمَت بنجاح في عدد من موادّ المنهاج الدّراسيّ الّتي تحتوي على نصوص من المهمّ أن يكون الطّلبة قادرين على قراءتها وفهمها.
يبدو أنّ الطّلبة الأقلّ تحصيلًا يستفيدون بشكل خاصّ من التّدريس المباشر لاستراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ.
ثمّة بعض الأدلّة على أنّ الأساليب الّتي تتضمّن التّكنولوجيا الرَّقْميّة يمكن أن تحسّن الاستيعاب القرائيّ، لا سيّما عند التّركيز على تطبيق استراتيجيّات محدّدة وممارستها، وعند استخدام مهارات طرح الأسئلة الذّاتيّة.
عادة ما تكون التدخّلات القصيرة التي تصل مدّتها إلى 10 أسابيع أكثرَ نجاحًا، على الرّغم من وجود بعض الأمثلة على تدخّلات ناجحة تمتدّ لفترة أطول.
سدّ فجوة الطّلبة الأقلّ حظًّا
أظهرت الدّراسات في إنجلترا أنّ الطّلبة الأقلّ حظًا قد يحصُلون على فوائد إضافيّة من تعليمهم كيفيّة استخدام استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ. إلّا أنّ قاعدة الأدلّة في المملكة المتّحدة أقلّ شمولًا من المتوسّط العالميّ، وتشير الدّراسات في المملكة المتّحدة إلى أثر أقلّ على الطّلبة جميعهم.
تتضمّن استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ تعليم أساليب وتقنيّات مباشرة يمكن للطّلبة استخدامها لتحسين فهمهم للنّصّ المقروء. وسيُطوّر كثير منهم هذه الأساليب دون توجيه المعلّم، ويطبّقون الاستراتيجيّات بشكل أفضل، من خلال التجربة والخطأ في أثناء سعيهم لفهم النّصوص التي يجدونها صعبة. لكنّنا نعلم أنّ احتمالية امتلاك الأطفال الأقلّ حظًّا لكتاب خاصّ بهم وقراءته في المنزل مع أفراد الأسرة أقلّ في المتوسّط؛ لذا فقد لا يكتسبون المهارات اللّازمة لقراءة النّصوص الصّعبة وفهمها.
كيف يمكن تطبيقه في سياقك؟
تُطبّق استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ عبر آليّات مختلفة تركّز جميعها على تحسين فَهْم معنى النّصّ بشكل فعّال. وتشمل العناصر المشتركة ما يلي:
- التّدريس المباشر للاستراتيجيّات.
- طرح المعلّمين الأسئلة على الطّلبة لتطبيق الخُطُوات الأساسيّة.
- تلخيص النّقاط الرّئيسة أو تحديدها.
- الحديث ما وراء المعرفيّ لنمذجة الاستراتيجيّات.
- استخدام المُنظِّمات البصريّة أو الدّلاليّة.
- استخدام استراتيجيّات طرح الأسئلة الذّاتيّة وعلى الأقران لممارسة الاستراتيجيّات (مثل الأسئلة المتبادلة).
- رصد الطّلبة لاستيعابهم وتحديد الصّعوبات بأنفسهم.
عادةً ما تُنفَّذ تدخّلات استراتيجيّة الاستيعاب القرائيّ لفترة تتراوح بين فصل إلى ثلاثة فصول دراسيّة في العام الدّراسيّ، إمّا من قِبَل المعلّمين داخل الصّفوف الدّراسية، أو من قِبَل المعلمين المساعدين مع المجموعات الصّغيرة.
وتشير الأدلة إلى أنّ أساليب الاستيعاب القرائيّ يجب أن تتناسب مع قدرة الطّالب الحاليّة على القراءة؛ لذا فمن المهمّ أن يتلقّى المعلّمون تطويرًا مِهنيًّا في التّشخيص الفعّال، ولا بدّ من استخدام تقنيّات وموادّ مُحدَّدة.
عند تقديم أساليب جديدة، ينبغي للمدارس النّظر في عمليّة تطبيقها. لمزيد من المعلومات، انظر: الاستفادة من الأدلة – دليل التنفيذ للمدارس.
كم تبلغ التّكلفة؟
تشير الأدلة العالمية إلى أن متوسط تكلفة استراتيجيات الاستيعاب القرائيّ بأنّه منخفض جدًّا، وتعتمد التّكلفة الّتي تتحملّها المدارس إلى حدّ كبير على التّدريب والتّطوير المِهنيّ والكتب ومصادر التّعلم. وهي في معظمها تكاليفُ أوليّة تُدفع خلال السّنة الأولى من تطبيق الاستراتيجيات. وبرغم أنّ متوسّط التّكلفة التّقديريّة لبرامج الاستيعاب القرائيّ منخفض جدًّا، إلّا أنّ نطاق الأسعار بين البرامج المتاحة وخيار شراء تدريب ودعم إضافيّين مستمرّين للمعلّمين يعني أنّ التّكاليف يمكن أن تتراوح من منخفضة جدًّا إلى منخفضة.
ومن حيث الوقت، يتطلّب التّدريس الفعّال لاستراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ قدرًا متوسّطًا من وقت المعلّمين مقارنةً بالأساليب الأخرى. وإلى جانب الوقت والتّكلفة، ينبغي لقادة المدارس النّظر في سُبل تطوير قدرة المعلّمين على استخدام تقنيّات محدّدة لتلبية احتياجات معيّنة للطّلبة، وللتأكّد من استخدامهم للنّصوص التي تشكّل تحدّيًا حقيقيًّا للقُرَّاء.
لا يوجد معلومات حتّى الآن عن التّكاليف عربيًّا.
ما مدى موثوقيّة الأدلّة؟
صُنِّفَتْ موثوقية الأدلّة حول استراتيجيّات الاستيعاب القرائيّ على أنّها عالية، واستوفت 141 دراسة معايير الإدراج في مجموعة الأدوات. وفقد الموضوع قفلاً لأنّ نسبة كبيرة من الدراسات لم تُقَيَّم بشكل مستقل؛ فالتّقييمات الّتي تجريها المنظّمات المرتبطة بالأسلوب، مثل مقدّمي الخدمات التجاريّين، عادة ما تشير إلى آثار أكبر؛ ما قد ينعكس على الأثر الكُلّيّ للعُنصر.
وكما هو الحال مع أيّ مراجعة للأدلة، تُلخّص مجموعة الأدوات متوسّط أثر الأساليب الخاضعة للأبحاث في الدّراسات الأكاديميّة. ومن المهمّ مراعاة سياقك واستخدام تقديرك المِهنيّ عند تطبيق الأسلوب في بيئتك.
حقوق الطبع والنشر© مؤسسة الوقف التعليمي. جميع الحقوق محفوظة