Queen Rania Foundation

التّوصية 1: إرساء الأسس وبناء المهارات اللغوية الأساسية لدى الطلبة

نبذة عن المحاور الرئيسة للتوصية

يعدّ تعرّض الطفل للغة أمرًا مهمًّا قبل التحاقه بالمدرسة فهي تشكّل منظومة التفكير والتعلم لديه، ولهذا ينبغي للمعلمين وصناع القرار في المدارس أن يحثوا الأهالي على تعريض أطفالهم للغة قدر المستطاع، ولا يعني ذلك أبدًا أن يقدّم الأهالي دروسًا في اللغة لأطفالهم بل يكفي أن يشاركوهم في التفاعل واللعب أو أن يقرؤوا لهم، وهذا أفضل ما يمكنهم تقديمه ليوسّعوا مدارك أطفالهم وينمّوا مهاراتهم.

يساعد التفاعل عالي الجودة الأطفال على تخزين كم من المفردات والتراكيب اللغوية ومحاكاتها؛ فالتحدث مع الطفل أفضل من مجرّد التحدّث إليه، ونظرًا لانشغال عدد كبير من الأهالي بالعمل وصعوبة توفير بيئة داعمة ومعزّزة يتعرض فيها الطفل للغة بشكل مستمر قد يترتّب على المعلم أن يقوم بهذا الدور قبل أن ينطلق معهم في رحلة القراءة؛ فتجهيز الأطفال لهذه الرحلة وتهيئتهم لها يقلّل من الجهد المبذول في تمكينهم من الاستيعاب القرائي.

 

ولتمكين الطلبة من الاستيعاب القرائي، يجب على المعلمين أولًا إرساء الأسس وبناء مهارات الطلبة اللغوية، والتأكّد من أنّ الطلبة جميعهم مستعدّون للبدء في رحلة القراءة، وذلك من خلال: 

 

  • تقديم أنشطة تعاونية توفّر تعلّمًا على نطاق واسع لدى الطلبة. 

  • تمكين الطلبة من مهارات ما قبل القراءة وذلك باستهداف المكونات الخمسة الأساسية للقراءة. 

 

سيناريو تأمّلي

لماذا يستغرق بعض الطلبة وقتًا أطول من أقرانهم حتى يتعلموا القراءة؟

قضى أحمد طفولته بين شاشة التلفاز واللعب وحيدًا، بينما كانت أمه منشغلة بأعمال المنزل ووالده غارق في العمل في الخارج أو تقليب الفيديوهات في هاتفه داخل المنزل. لم يكن هناك من يشاركه الكلمات واللعب أو يروي له القصص.

عندما دخل المدرسة، ظهرت الفجوة. ففي نهاية العام الدراسي للصف الأول، جلس أحمد أمام كتابه عاجزًا عن قراءة الكلمات، وتفكيك رموزها، على خلاف زملائه الذين تمكنوا من القراءة واكتشفوا عالمًا جديدًا من المعرفة.

 

والآن بعد قراءة السيناريو التأملي السابق يجب أن نفكر في إجابة سؤال مهم:

 

هل يتعرّض جميع الأطفال للغة بالدرجة ذاتها في مراحل طفولتهم المبكرة؟

يتعرّض الأطفال للغة بدرجات متفاوتة قبل التحاقهم بالمدرسة، نتيجة عوامل عدّة منها: مدى تفاعل الوالدين مع أطفالهم، والقدرة على توفير بيئة تواصل غنية من خلال إدخال الأطفال في الحضانات أو دور الرعاية، وكذلك تفاعلهم مع الأقارب والمجتمع المحيط بهم، ومع ذلك فإنّ بعض الأطفال لا يحظون بفرصة كافية للتعرّض للغة، ما يؤدي إلى ضعف مخزونهم اللغوي، وعدم قدرتهم على التعبير، وغالبًا ما يحدث ذلك إذا انشغل الوالدان بالعمل لساعاتٍ طويلة، وصار التواصل في المنزل محدودًا، أو إذا انغمس الوالدان في التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي غافلين عن أهمية التواصل في المجتمع نفسه والتفاعل المباشر مع طفلهم. 

يؤدي التفاعل مع الأطفال دورًا مهمًا في تنمية مهاراتهم اللغوية؛ فالأطفال يكتسبون اللغة من خلال الاستماع والملاحظة؛ فتجدهم يراقبون والديهم ويقلّدونهم، ويتعلمون من خلال تفاعلهم مع الآخرين. وكما ذكرنا سابقًا فإنّ التحدث مع الأطفال أفضل من مجرد التحدث إليهم بحيث يكون التفاعل ثنائيًا يعزّز من فهمهم واستخدامهم للغة بشكل أفضل.

 

 

الكشف عن استعداد الطلبة

تتمثّل المهمة الأولى للمعلمين قبل تعليم الطلبة مهارة القراءة في الكشف عن استعداد طلبتهم وجاهزيتهم لبدء هذه الرحلة؛ فمن غير المتوقع أن يكون الطلبة جميعهم على درجة الاستعداد ذاتها؛ نظرًا لعوامل عدة منها مدى اهتمام البيت في القراءة والتفاعل مع الطفل أو انشغالهم عن ذلك.

ويُقصد بالاستعداد القرائي توافر القدرات والمهارات اللازمة لدى الطلبة للقراءة، وهذه القدرات والمهارات تتصل بآلية القراءة ومكوناتها التي سبق أن تحدّثنا عنها، حيث تقوم آلية القراءة على قدرات بصرية وسمعية ونطقية ومستوى الخبرة التي مرّ بها الطالب من قبل، وينبغي للمعلمين الكشف عن ذلك من خلال مراقبة أداء الطلبة وتفاعلهم في أنشطة مختلفة مثل اللعب الحر أو الاستماع إلى القصص أو غير ذلك، ويستعينون بما يلاحظونه لمعرفة ما إذا كانوا مستعدين لتعلّم القراءة أم لا، كما يمكن لهم ملاحظة تركيز الطلبة وانتباههم في أثناء الاستماع للتعليمات والقصص، ومراقبة فضولهم وتعبيرهم عن ذلك عن طريق طرح الأسئلة أو مشاركة التوقعات، وتفاعلهم مع زملائهم وقدرتهم على حلّ المشكلات التي تواجههم وقت اللعب.

 

انظروا الأداة: الكشف عن جاهزية القراءة

في أثناء الكشف عن استعداد الطلبة للقراءة لا بد من تقديم تفاعل عالي الجودة للطلبة من خلال توظيف اللعب وتقديم الأنشطة التعاونية التي توفّر تعلّمًا على نطاق واسع من خلال المحادثات، مثل: القراءة المشتركة واللعب بالمفردات، بحيث تتطوّر مهارات الطلبة الاجتماعية كإدارة العلاقات وحل المشكلات، ما يؤدي إلى توسع تفكيرهم وتنمية مهاراتهم.

 

مثال: 

  • لعبة "بماذا أفكر؟" +4 سنوات

  • سأضع شيئًا في عقلي، وأصفه لك، ثم عليك أن تعرف ما هو: 

  • الأهل: "شيء أستخدمه لتصبح أسناني نظيفة" 

  • الطفل: "فرشاة الأسنان"

  • الأهل: "شيء يذهب به الناس من بلد إلى آخر" 

  • الطفل: "سيّارة" 

  • الأهل: "هذا ممكن، لكني أفكر في شيء آخر يطير في السّماء" 

  • الطفل: "طائرة"

  • الأهل: "شيء أضعه على الطعام ليصبح طعمه أفضل" 

  • الطفل: "سكر" 

  • الأهل: "ممكن، لكني أفكر في شيء يناسب كل أنواع الطعام ليس الحلويات فقط"

  • الطفل: "امممممم…"

  • الأهل: "يمكن أن أضعه فوق الأرز أو الدجاج مثلًا"

  • الطفل: "ملح"

 

الآن حان دورك، ضع شيئًا في عقلك، وصفه لي، ويجب عليّ أن أعرف ما هو.

 

اطّلعوا على ألعاب مقترحة أخرى، يمكن للمعلمين أن يلعبوها مع طلبتهم، أو أن يشجعوا الأهالي على ممارستها أو ممارسة ألعاب شبيهة بها في البيت. الأداة: ألعاب لغوية

كما يمكنكم الاطّلاع على أداة: أهمّ الأنشطة التي تطور مهارات القراءة والكتابة لدى طفلك التي تحتوي على مجموعة من الأنشطة والممارسات التي يمكن للأهالي وأولياء الأمور تطبيقها مع أطفالهم ليساعدوهم على تطوير مهارتي القراءة والكتابة، ويتعين على المعلمين تشجيعهم على استخدامها. 

 

إعداد الطلبة لتعلّم القراءة 

تؤدي رياض الأطفال مؤخرًا دورًا مهمًا في إعداد الطلبة لتعلّم القراءة، وتسعى جاهدة لسد الثغرات التي قد يتجاهلها الأهالي مع أطفالهم في المنزل، ولكن نظرًا لعدم توفر إمكانية التحاق جميع الطلبة برياض الأطفال يبقى على عاتق المعلمين مهمة إعداد الطلبة لتعلّم القراءة، وتوفير القدرات والمهارات اللازمة لهم باستخدام تمرينات وأنشطة تحتوي على أنواع مختلفة من الرسوم والصور -الملونة وغير الملونة- والقصص المصورة التي تساعدهم على تنمية التمييز بين اتجاهات بعض الأشكال، وتكشف المحصول اللغوي لديهم من خلال تقديم أنشطة ما قبل القراءة مثلًا.

يجدر بالمعلمين إعداد بيئة محفزة ومشجعة للقراءة من خلال توفير كتب وقصص جذابة وملائمة لمستوى الطلبة واهتماماتهم، ووضعها في أماكن يسهل الوصول إليها؛ كإنشاء ركن للقراءة في الغرفة الصفية أو زيارة المكتبة في المدرسة، وتنظيم جلسات يستمع فيها الطلبة إلى القصص من معلميهم، أو يتصفح فيها الطلبة القصص بأنفسهم، ما يغرس في نفوسهم حب القراءة منذ الصغر، ويجعلهم أكثر استعدادًا ورغبة في تعلّمها. 

قد يتعذر أحيانًا وجود مكتبة في المدرسة أو تجهيز ركن القراءة في الغرفة الصفية لكن لا يزال بإمكان المعلمين إحضار مجموعة من الكتب لطلبتهم وإبقاؤها في الغرفة الصفية. كما يمكنهم تشجيع الأهالي على القراءة لأطفالهم في البيت وتقديم بعض التوصيات لهم؛ كاستخدام يدهم للإشارة إلى الصور، وتتبّع قراءة الكلمات بإصبعهم ليدرك الطفل بأن القراءة تنتقل من اليمين إلى اليسار ومن أعلى إلى أسفل في الصفحة الواحدة، وأن يطلبوا إلى طفلهم مساعدتهم في تقليب الصفحات في أثناء القراءة.

 

اطّلعوا على الأداة: تعرّف السمات الأساسية للكتب والنصوص العربية المطبوعة

 

يعتقد المعلمون أن تعرّض الأطفال للكلمات والمواد المطبوعة في السنوات الأولى يعزز نجاحهم في القراءة؛ ولهذا يجب أن يتعرّض الأطفال لذلك قبل أن يلتحقوا بالمدرسة؛ لأنّ هذا يجعل مهمة الأطفال أسهل خصوصًا أنّ لديهم فهما أساسيًّا لقراءة المواد المطبوعة. 

يعد التواصل مع الأهالي وأولياء الأمور جزءًا لا يتجزأ من رحلة تعلّم القراءة، حيث يمكن للمعلمين إشراك أولياء الأمور بتقديم نصائح وتوجيهات لهم حول كيفية تعزيز مهارات القراءة لدى أطفالهم، وتنظيم جلسات حوارية أو برامج تدريبية لتزويدهم بالأدوات اللازمة لتنمية مهارات أطفالهم وتطويرها، بهدف زيادة وعيهم بأهمية القراءة وكيفية جعلها جزءًا من حياة أطفالهم اليومية، ما يساهم في تحسين تجربة التعلّم ويعزّز من تفاعل الطلبة مع النصوص والكتب بشكل أكبر. 

عند الحديث عن إعداد الطلبة للقراءة لا يمكننا أن نغفل أهمية تعزيز الوعي الصوتي لديهم، والوعي الصوتي هو قدرة الطفل على فهم أنّ الكلمات المنطوقة تتكوّن من أصوات منفصلة، والقدرة على التمييز بينها، وعدّ المقاطع الصوتية، والتلاعب بها من خلال استماع الطلبة إلى الأصوات فقط، ومن ثم ينتقل الطلبة منه إلى تعرّف الرموز المكتوبة وربطها بالأصوات تمهيدًا إلى فكّ الرمز القرائي.  يجب على الطلبة أن يفهموا العلاقة بين الأصوات والحروف، وأن يميزوا بين الأصوات المتشابهة والمختلفة في اللغة، وأن يربطوا صوت الحرف برسمه؛ ليكتسبوا إحدى أهم المهارات التي تؤهلهم ليصبحوا قرّاء. اطّلعوا على الأداة: دليل الوعي الصوتي.

ولهذا تعمل المدارس على تحويل الأصوات التي اكتسبها الطفل في سنواته الأولى من العامية إلى الفصحى، وهذا لُبّ ما يفعله الطفل في المدرسة لأنّ اللهجات المحكية تتيح للطفل أن يكتسب معظم الأصوات الموجودة في اللغة سواء أكانت على المستوى العامي أم الفصيح؛ ولذلك يقتصر دور المدرسة على ربط هذه الأصوات المكتسبة بالرموز المكتوبة، ثم الانتقال بالطفل إلى قراءة النصوص وفهمها واستيعابها.

فيما سبق عرضنا لكم مكونات القراءة التي تعرض لنا كل ما يجب على الطالب اكتسابه ليصبح قارئًا، والآن سنتناول إحدى هذه المكونات ألا وهو الاستيعاب القرائي لنصفه بالبيت الذي يحتاج إلى أساس قوي ومتين لنصل إليه، فهو الغاية الأساسية من القراءة، ولتحقيقه يجب أن يكون الطالب قادرًا على قراءة الكلمات وفهم اللغة.

 

انظروا أيضًا إلى الشكل الآتي لمعرفة المهارات المرتبطة بالقراءة: