مقدمة
في البدء، تأملوا السؤال "كيف يتلقّى الطلبة التغذية الراجعة؟" لإجابة أولية، شاهدوا فيديو كيف يتلقّى الطلبة التغذية الراجعة؟.
يجب على المعلمين عند تقديم التغذية الراجعة الفعّالة- إيلاء اهتمام شديد بكيفية تلقّي الطلبة للتغذية الراجعة وما يفعلونه بها لاحقًا. فقد أشارت الدراسات إلى إن أهم القرارات المتخذة في الصفوف الدراسية لا يتخذها المعلمون بل يتخذها الطلبة.
تلقّي التغذية الراجعة
ثمة مجموعة من العوامل التي تؤثر على تلقي الطلبة للتغذية الراجعة، واستخدامها بفاعلية، منها:
دافعية الطلبة ورغبتهم في الحصول على التغذية الراجعة: يدرك المعلمون أنّ على الطلبة طلب التغذية الراجعة والترحيب بها حتى تكون فعّالة، كما يحتاج الطلبة إلى أنواع مختلفة من التغذية الراجعة لتلبي اختلافاتهم وتنوّعهم.
الثقة بالنفس والتصور الذاتي: قد تؤثر مستويات الثقة بالنفس لدى الطلبة فيما يتعلق بأدائهم الأكاديمي و"تصورهم الذاتي" (ما يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيقه) على استخدامهم التغذية الراجعة المقدّمة، لا سيما عندما تتعارض التغذية الراجعة المقدمة مع وجهة نظرهم حول أنفسهم؛ فإذا كان الطلبة يعتقدون أن لديهم قدرات عالية جدًا، ثم تلقوا تغذية راجعة بنّاءة تشير إلى أنهم بحاجة إلى إجراء تغييرات وتحسينات، فقد يُزعجهم ذلك ويؤدي إلى صرف انتباههم عن التعلّم.
الثقة بالمعلم: إذا كان الطلبة لا يثقون بمعلمهم، فغالبًا لن يستخدموا التغذية الراجعة المقدمة، وقد يظنّون أنّ اقتراحات التحسين هي انتقادات غير عادلة ويرفضونها.
الذاكرة العاملة: هي الجزء المسؤول في الدماغ عن تخزين المعلومات، ويجب على المعلمين عدم إثقال هذه الذاكرة لدى الطلبة، علمًا أنّ كل طالب لديه سعة تخزينية مختلفة عن الطلبة الآخرين، ما يحتّم على المعلمين تطويع التغذية الراجعة وتقديم تغذية راجعة أيسر وأوضح لبعض الطلبة. ولهذا السبب لا ينصح بتصحيح الأخطاء جميعها في وقت واحد، شاهدوا فيديو هل يجب تصحيح الأخطاء جميعها في آن واحد؟
كيف يمكن للمعلم إعداد الطلبة لتلقي التغذية الراجعة؟
إليكم بعض الأفكار المقترحة حول كيفية إعداد المعلم الطلبة لتلقي التغذية الراجعة التي تأخذ في الاعتبار العوامل المحتملة الآتية:
- مناقشة الغرض من التغذية الراجعة: إن إجراء مناقشات مع طلبة الصف أو مع أفراد معينين حول سبب تقديم التغذية الراجعة قد يدعم دافعية الطلبة ورغبتهم في تلقي التغذية الراجعة، والأمر الأساسي هو التأكيد على أن التغذية الراجعة لا يُقصد منها الانتقاد، إنما تُقدّم لأن لدى المعلم معايير عالية يؤمن تمامًا أن الطلبة يمكنهم تلبيتها.
- نمذجة استخدام التغذية الراجعة: غالبًا ما سيستخدم الطلبة التغذية الراجعة إذا نُمذجت لهم من قبل أقرانهم؛ فإذا عبّر أحد الأقران عن استعداده لتلقي التغذية الراجعة وأقرّ أنها ليست مصمّمة لانتقادهم، وإنما تُقدّم بغرض تحسين تعلّمهم، فهذا سيشجّع زملاءه على استخدامها وتحسين تعلمهم. انظروا هنا مثالين من الصف حول نمذجة استخدام التغذية الراجعة.
- تقديم تغذية راجعة واضحة وموجزة ومركّزة: إنّ تقديم التغذية الراجعة الواضحة والموجزة يساعد المعلمين على عدم الإثقال على الطلبة، انظروا هنا بعض الأمثلة.
- التأكد من فهم الطلبة للتغذية الراجعة المقدمة: ينبغي التفكير بعناية في اللغة والمحتوى المستخدمين في التغذية الراجعة للتأكد من أن الطلبة يفهمون ما يقوله المعلم، وفي حالة تقديم تغذية راجعة مكتوبة، فيجب أن يكون خط المعلم واضحًا بدرجة كافية حتى يتمكن الطلبة من فهمها. أيًا كانت الاستراتيجية التي يختار المعلم استخدامها، ينبغي له رصد ما إذا كان الطلبة يستخدمون التغذية الراجعة التي يقدمها، وفي حال عدم استخدامهم لها، سيتطلب الأمر تعديل الأسلوب للتأكد من أن الطلبة يرحبون بالمعلومات المقدمة ويطبّقونها.
تخطيط الوقت والفرص لاستخدام التغذية الراجعة
أشار (ديلان ويليام) Dylan William، إلى أنه يجب استخدام التغذية الراجعة الفعّالة بوصفها زجاجًا أماميًّا وليس مرآة للرؤية الخلفية، بمعنى آخر، ينبغي أن تكون بمثابة "وصفة للعمل المستقبلي". ومن الضروري إتاحة الوقت والفرص للطلبة لاستخدام التغذية الراجعة على نحو يدفع التعلّم إلى الأمام؛ فبدلًا من مجرد التعليق على العمل الذي أُنجِز، يجب أن تؤثر التغذية الراجعة على العمل المستقبلي الذي سيقوم به الطلبة. فبعد تحديد فجوة التعلّم من خلال التقييم التكويني الفعال، تُقدّم التغذية الراجعة لسدّ هذه الفجوة، ولا تُسدّ فجوة التعلّم، وبالتالي لا تُسدّ حلقة التغذية الراجعة إلّا عندما يستخدم الطلبة تلك التغذية الراجعة.
كيف يمكن أن تبدو أنشطة ما بعد التغذية الراجعة الفعّالة في الصف؟
أنشطة التحرّي: يجرّب المعلّم تحويل التغذية الراجعة إلى عمل تحرّي. فمثلًا بدلًا من أن يقول للطلبة: "من الأفضل لو بدّلتم هاتين الفقرتين حول القصة"، يمكن القول: "أعتقد أنه سيكون من الأفضل عكس فقرتين من هذه الفقرات، اكتشفوا الفقرتين اللتين تعتقدون أنني أتحدث عنهما". كما يمكن للمعلم وضع نقاط في الهامش في المواضع التي قد يكون فيها أخطاء، وأن يطلب إلى الطلبة العثور عليها وتصحيحها.
المناقشة الصفية للتغذية الراجعة: إنّ إتاحة الفرص لطلبة الصف لمناقشة التغذية الراجعة المقدمة بصورة جماعية قد يحسّن استخدام الطلبة لها وتحصيلهم اللاحق.
"ثلاثة أسئلة": يطرح المعلم ثلاثة أسئلة مركزة في نهاية عمل مكتوب لكل طالب وطالبة، ثم يجيب الطلبة عنها، على أن تكون الأسئلة هادفة ومركّزة ومختلفة باختلاف الطلبة. انظروا هنا.
تصحيح الأخطاء وتعديل العمل: يمكن للمعلمين أن يطلبوا إلى الطلبة إجراء تصحيحات وتعديلات محددة على عمل سابق، وقد تساعد قائمة مرجعية للأخطاء الشائعة، مع نمذجة استخدامها بصورة ملائمة من قبل المعلم، على توجيه هذا الأسلوب بشكل مفيد. انظروا قائمة ما لا يجب كتابته.
حلّ مسائل مماثلة مع أخذ التغذية الراجعة في الاعتبار: تناسب هذه الاستراتيجية المواد العملية مثل التربية الرياضية والموسيقا والرسم؛ إذ يمكن للطلبة تكرار الأداء فورًا، لكن يمكن أيضًا استخدامها على مستوى المنهاج الدراسي، انظروا نمذجة استخدام التغذية الراجعة.
إعادة صياغة العمل: يقدّم المعلم ملاحظات خاصة للمجموعة الواحدة ويساعدها على تحسين أدائها. انظروا إلى إعادة صياغة العمل، دراسة حالة.
استخدام التغذية الراجعة لتوجيه التدريس في العام المقبل
إنّ استخدام التغذية الراجعة لتوجيه التدريس والتعلّم في المستقبل قد لا يقتصر على الدروس الحالية للمعلمين، إذ يمكنها إعادة توجيه طريقة تدريس الموضوع ذاته في العام المقبل.