مقدمة
بعد تقديم التدريس الأولي الفعّال، وبعد تحديد هدف التعلّم والتقييم التكويني لمستوى فهم الطلبة، ينبغي للمعلمين بعد ذلك تقديم تغذية راجعة في الوقت المناسب، تركّز بشكل خاص على المهمة و/أو المادة و/أو استراتيجيات التنظيم الذاتي لدى الطلبة.
تقديم التغذية الراجعة في الوقت المناسب
قد تكون التغذية الراجعة المباشرة فعالة لأنها قد تمنع تكوين المفاهيم الخاطئة في وقت مبكر، كما يمكن أن تكون التغذية الراجعة المتأخرة مفيدة أيضًا؛ لأنها قد تجبر الطلبة على المشاركة الكاملة في العمل قبل إعطائهم الإجابة، وهذا بدوره قد يجعلهم يعملون بجدّ لاسترجاع المعلومات التي تعلموها، ما يساعدهم على تذكر المزيد مما تعلموه.
كيف يمكن أن تبدو التغذية الراجعة حسنة التوقيت في الصف؟
لا يوجد وقت محدد لتقديم التغذية الراجعة، بل يُترك اختيار هذا الوقت وتحديده إلى المعلم. لذلك هو عنصر رئيس في المهارة المهنية للمعلم. شاهدوا الفيديو كيف أحدّد الوقت المناسب لتقديم التغذية الراجعة؟ ولتوجيه هذا التقدير، ينبغي للمعلمين التفكير في ثلاثة أمور: المهمة، والطالب، والصف. انظروا خصائص التغذية الراجعة حسنة التوقيت.
تركيز التغذية الراجعة على دفع التعلّم إلى الأمام
ينبغي أن تركّز التغذية الراجعة على دفع التعلّم إلى الأمام، واستهداف فجوة التعلّم التي حددها المعلم، وضمان تحسّن الطلبة. وبكلمات أدق، يمكن أن تركز التغذية الراجعة عالية الجودة على المهمة (نتيجتها، والنصائح حول سُبل التحسّن عند أداء هذا النوع المحدد من المهام)، والمادة (والعمليات الأساسية في هذه المادة)، واستراتيجيات التنظيم الذاتي (كيف يخطط الطلبة عملهم ويراقبونه ويقيّمونه). انظروا أمثلة تتعلق بالمهمة والمادة واستراتيجيات التنظيم الذاتي تركز على دفع التعلّم إلى الأمام.
التغذية الراجعة التي تركز على الخصائص الشخصية للطلبة
إن التغذية الراجعة التي تركز على الخصائص الشخصية للطلبة غير فعّالة؛ ربما لأنها تُقدّم حول الشخص وليس حول تفاصيل المهمة، أو فهمه للمادة، أو استخدامه للتنظيم الذاتي كما أنها تصرف تركيز الطلبة بعيدًا عن التعلّم نحو تأثير التغذية الراجعة على تقديرهم الذاتي. فمثلًا: عندما يُطلق على الطالب اسم " كيميائي بالفطرة"، أو يقال له "عمل رائع، أنت بارع في الرياضيات"، أو "هذا جيد، لكنك أفضل من ذلك" أو "أنت مؤرخ موهوب، جهد رائع كالعادة"، أو "هذا عمل رديء، أتوقع أفضل من ذلك من طالب في مستواك،" فذلك لن يقدم أي معلومات إضافية يمكن للطالب استخدامها لتحسين أدائه في هذه المواد، وقد يصرف انتباهه بعيدًا عن التعلّم.
لا يعني هذا بالتأكيد عدم تقديم تغذية راجعة مشجعّة للطلبة، فهي مهمة لدعم دافعية التعلّم لديهم وثقتهم بأنفسهم، ولكن لا يُرجّح أن تدفع التعلّم إلى الأمام إن لم ترتبط أيضًا بمعلومات محددة حول الأداء (بما فيها الأداء الجيد والصحيح لنقاط محددة من العمل) وسبل تحسينه.
الدرجات والثناء والجهد
في البدء، تأملوا السؤال "هل أستخدم الدرجات أم التعليقات؟" لإجابة أولية، شاهدوا فيديو هل أستخدم الدرجات أم التعليقات؟
الدرجات: قد لا تحسّن الدرجات وحدها أداء الطلبة، وربما يكون من الأفضل أن تحلّ محلها التعليقات، لكن قد توفر الدرجات معلومات تساعد في إحراز التقدم في التعلّم شريطة التأكد من أن الطالب يعرف ما تعنيه هذه الدرجة، وما التحسينات التي عليه إجراؤها على أنواع محددة من المهام، وفي تلك المادة ككل.
الثناء: قد يصرف الثناء انتباه الطلبة عن التعلّم نحو التركيز على تقديرهم لذاتهم. ولكن هذا لا يعني عدم تقديم الثناء ضمن تغذية راجعة مشجعّة للطلبة؛ لأنه يدعم دافعية التعلّم لديهم وثقتهم بأنفسهم، ولكنها قد تكون أكثر فاعلية إذا ركّزت على إنجاز محدد للطلبة في المهمة أو المادة أو تنظيمهم الذاتي (وليس الثناء والتعليقات العامة مثل قول "عمل رائع"). فمثلًا قد يقول المعلم: "أعجبني وصفك لشخصية سامر في القصة؛ لأنك ركزت بشكل كبير على الجوانب النفسية لشخصيته" أو "إنشاء مترابط لأنك استخدمت أدوات ربط مناسبة، مثل: ومن ثم، ومع ذلك، وعطفًا على هذا الأمر"، وبهذا يضمن أن يكون الثناء أكثر فاعلية. وقد يستخدم المعلم أيضًا الثناء في الصف لأغراض أخرى؛ مثل تعزيز السلوك الإيجابي وحث الطلبة على إنجاز المهمة. يمكن أيضًا تقديم ثناء محدّد ومركّز عندما يستخدم الطلبة المهارات الاجتماعية والعاطفية من أجل دعم نموهم الاجتماعي والعاطفي.
الجهد: يعلّق بعض المعلمين على الجهد الذي بذله الطلبة في نشاط ما، على الرغم من صعوبة التأكد بدقة من مقدار الجهد الذي بذله الطالب في المهمة. وفي حال اختيار المعلم التعليق على الجهد، فقد يكون من المفيد ربط التعليق بالإجراءات التي يمكن للطلبة اتخاذها لتحسين المهمة أو المادة أو التنظيم الذاتي بدلًا عن التعليق على الجهد العام للطلبة. فمثلًا، بدلًا من قول: "لم تبذل جهدًا كافيًا"، يمكن لمعلم الرياضيات أن يقول: "يمكنك تحسين إجابتك عن السؤال الثاني إذا قضيت وقتًا أطول قليلًا في حلّه" (المهمة)، أو "ستكون رسومك البيانية مثالية إذا فكّرت أكثر قليلًا في تسمية المحاور" (المادة)، أو "احرص على منح نفسك وقتًا في نهاية الجلسة لمراجعة عملك والتأكد من صحته" (التنظيم الذاتي).
خلاصة القول يمكن للمعلم أن يختار الآلية المناسبة في تقديم التغذية الراجعة سواء أكانت الدرجات أو الثناء أو التعليق على الجهد، بشرط أن تتضمن التركيز على المهمة و/أو المادة و/أو استراتيجيات التنظيم الذاتي، وأن لا تركّز على الخصائص الشخصية للطلبة أو تتضمّن تعليقات عامة أو غامضة، وأن يتذكر دومًا أن التغذية الراجعة تقدّم حول الأداء الجيد والصحيح أيضا، وليس حول الأداء الضعيف فقط.