أعرب عدد متزايد من الباحثين المهتمين باللغة العربية في أنحاء العالم عن مخاوفهم بشأن مسألة ازدواجية اللغة العربية وعلاقتها بتدني تحصيل الطلبة، وانخفاض مستوى المهارات القرائية لديهم وتأثيرها العام على تعليم الأطفال العرب. غير أنه لا يوجد حاليًا محتوى موثوق من الأدبيات البحثية يمكن للاتجاهات المستقبلية الاسترشاد به في الأبحاث والسياسات وممارسات المعلمين.
ولسدّ هذه الفجوة عملت مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية مع جامعة زايد على إجراء مراجعة منهجية شاملة تتناول الأسئلة الرئيسة المتعلقة بازدواجية اللغة والتي يمكن الاسترشاد بها في تحديد التوجهات المستقبلية، الأمر الذي سيُمكّن الأكاديميين والعاملين في قطاع التعليم من فهم خارطة المعرفة الحالية بصورة دقيقة وشاملة، وتحليل كيفية تأطير مفهوم ازدواجية اللغة العربية، وتحديد الفجوات في كلٍّ من الأبحاث والممارسات المتعلقة بازدواجية اللغة.
وقد أُنجز في هذا الصدد ما يلي:
- إتمام بحث مستهدف في الأدبيات البحثية يشمل تسع قواعد بيانات رئيسة تضم عددًا من المقالات والتقارير وفصول الكتب المنشورة بين عامي 1970 و2020.
- مراجعة 447 وثيقة، بدءًا بالملخصات ووصولًا إلى النصوص الكاملة، راجعها فريق من الباحثين المؤهلين. وقد أسفرت عملية المراجعة عن تضمين 158 وثيقة تفي بالمعايير المحددة للمراجعة.
- استخلاص المعلومات اللازمة من كل وثيقة لتحليل الأدلة المقدمة فيها بشكل نقدي. وقد تضمنت المعلومات على سبيل المثال: نوع النص، والدول التي ينتمي إليها المؤلفون وتخصصاتهم، والمخاوف أو القضايا الرئيسة المطروحة، والتوصيات المقدمة. وفي حال كان النص دراسة بحثية، فقد تم استخراج مزيد من المعلومات، مثل: أهداف الدراسة، ومنهجية البحث المستخدمة، والمرحلة الدراسية، والمهارة اللغوية التي تم اختبارها، ونوع اللغة، ونوع ومدة التدخلات (إن وجدت)، وعدد المشاركين، والنتائج العامة المتعلقة بازدواجية اللغة.
- تحليل المحتوى النهائي لصياغة المحاور العامة التي ستخضع لمزيد من التحليل.
في بداية هذا المشروع البحثي، التزمنا -قدر الإمكان- مشاركة أفكارنا ورؤانا حال التوصّل إليها. ومن هذا المنطلق، فإن هذه النتائج الأولية المعروضة هنا ستعرض وتناقش لاحقًا في تقرير مقبل بمزيد من التفصيل.
نوع الورقة البحثية: كشف التحليل أن أكثر أنواع الأوراق البحثية شيوعًا هو البحث الكمي (50% من جميع الأوراق البحثية). وهذا أمر مشجّع ويبشر بالخير نظرًا إلى حداثة هذا المجال البحثي. إلا أن البحث الكمي كان في الغالب وصفيًا ويضم بعض الدراسات الارتباطية والمقارنة. كما كانت غالبية أعداد العينات صغيرة نسبيًا، وركزت المنهجيات المستخدمة على سلسلة من المهام اللغوية (31.4%) التي يتعيّن على الطلبة أداؤها. ونادرًا ما استخدمت المجموعات التجريبية والضابطة (6.6%)، كما لم تُجرَ إلا دراسة واحدة حول التدخلات التعليمية، الأمر الذي نجده مُقلقًا.
وتمثّل النوع التالي الأكثر شيوعًا من الأوراق البحثية في الأبحاث النظرية وأوراق المواقف (22.8% من جميع الدراسات التي روجعت)، تلاها البحث النوعي الذي ركّز في الغالب على التحليلات الموضوعية (16.5% من إجمالي الأوراق البحثية التي حُلّلت). كما شكلت الدراسات التي استخدمت طريقة البحث المختلط 10.1% من إجمالي الأوراق البحثية التي روجعت. وأخيرًا، توصلنا إلى نتيجة تبعث على التفاؤل، تتعلق بإدخال عمليات مسح الدماغ في أدبيات ازدواجية اللغة في ثلاث دراسات (2.5%).
الدول التي ينتمي إليها المؤلفون: جاءت معظم الدراسات البحثية التي تناولت موضوع ازدواجية اللغة العربية من مؤلفين في دولة الاحتلال (35.4%) والولايات المتحدة الأمريكية (30.4%)، مع عدد أقل في الدول العربية (17.7%) كانت معظمها من لبنان والأردن. وتجدُر الإشارة إلى أنّ معظم الباحثين المقيمين في دولة الاحتلال والولايات المتحدة هم من أصول عربية ومتحدثون باللغة العربية.
تخصصات المؤلفين: يمتلك معظم المؤلفين الذين نشروا أبحاثًا عن ازدواجية اللغة العربية خلفيات لسانية (56%)، شملت اللسانيات التطبيقية اللسانيات النفسية اللسانيات الاجتماعية. يليهم المؤلفون المتخصصون في التربية (28%). إلا أن معظم هؤلاء المؤلفين لديهم خلفيات في تعليم ذوي الحاجات الخاصة وتعليم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية. وقد كنّا نأمل أن نرى تمثيلًا أكبر في الأدبيات من الباحثين الذين لديهم خلفية في مجالات المهارات القرائية والمناهج والتدريس والسياسة اللغوية.
المخاوف الرئيسة: أعربت العديد من الأوراق البحثية التي روجعت عن مخاوف بشأن تدني التحصيل الدراسي للأطفال العرب (39.2%) تليها مخاوف بشأن البُعد بين اللغة العربية الفصحى الحديثة واللغة العربية المنطوقة بنسبة (19%). وقد احتلت المخاوف بشأن طرق التدريس المستخدمة في المدارس المرتبة الثالثة (16.5%)، تليها مخاوف بشأن تعقيد اللغة العربية الفصحى الحديثة (15.8%)، والوضع الاجتماعي والاقتصادي (13.9%)، والمتعلمين غير المتحدثين باللغة العربية (13.3%)، ومحدودية البحث (10.1%)، وعدم التعرض المبكر للغة العربية الفصحى الحديثة (7.6%).
يرجى العلم أنّ المعلومات التي نشاركها هنا تشكل جزءًا من التحليل الكلي الذي يُجرى حاليًا. لذا ترقبونا إذْ سيُجرى المزيد من التحليل المتعمق وستشارك النتائج حالما تُستكمل بصورة نهائية.