يعد لاري بيرغر من بين روّاد تكنولوجيا التعليم في العالم مع أكثر من ٢٠ عاماً من العمل والخبرة العميقة في هذا المجال. شارك بيرغر في تأسيس شركة "وايرلس جينيريشن" Wireless Generation في عام ٢٠٠٠، وكانت من أوائل الشركات التي استخدمت تحليل البيانات والتقييمات لدعم تعلم الطلاب. في عام ٢٠١٠، اشترت شركة "نيوز كوربوريشن" News Corporation شركة Wireless Generation، وأعادت تسميتها تحت اسم Amplify. وبعد خمس سنوات ومليار دولار من الاستثمار، باعت شركة News Corporation شركة Amplify لمستثمرين في القطاع الخاص.
اليوم، ووفقاً لبيرغر، يرتكز عمل Amplify على ركيزتين. الركيزة الأولى هي استمرار الشركة في البناء على عملها منذ عام ٢٠٠٣ حول تقديم تقييمات الرصد التي تسمح للمعلمين - والنظام ككل - تطوير وجهة نظر حول التقدم الذي يحرزه الطلبة. أما الركيزة الثانية فهي أن الشركة قد استثمرت موارد في العقد الماضي لتصبح "شركة مناهج" - تتجاوز مجرد الكتب المدرسية إلى المحاكاة التفاعلية والمواد العملية. في الوقت الحاضر، تعمل الشركة على تطوير منهاج اللغة الإنجليزية ومنهاج العلوم لمدارس K-8 (وهي المدارس الأميركية التي تسجل الطلبة من الحضانة، وما قبلها، وأعمار٥- ٦حتى الصف الثامن – ولعمر ١٤ سنة وتجمع المرحلة الابتدائية والمتوسطة).
جلس بيرغر مع مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية لإجراء مناقشة مفيدة للغاية حول الدروس التي تعلمها خلال رحلته ورؤيته للاتجاه الذي يسير به القطاع. تم تحرير المقابلة وتكثيفها من أجل الوضوح.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: لقد احتللت مؤخراً بعض العناوين الرئيسية حول رسالة أرسلتها إلى مجموعة من الخبراء في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام وتم نشرها لاحقاً على الإنترنت. في هذه الرسالة، اعترفت، بشكل مثير للاهتمام، بأنك لم تعد تعترف فعلياً بالنموذج "الهندسي" للتعلم المتوافق مع الاحتياجات الشخصية لأن المكونات الأساسية لهذا النموذج لا تزال مفقودة. هل يمكنك اخبارنا المزيد عن ذلك؟
لاري بيرغر: بدءأ، من المهم التأكيد على أنني وضعت استثناء مدروساً بأن هناك أشياء في القراءة والحساب المبكرين حيث يمكن للنموذج الهندسي للتعليم أن ينجح بالفعل. إنه بالفعل يبدأ بالانهيار عندما تحاول توسيعه ليصبح خريطة معرفية شاملة مدفوعة بالكامل بالتكنولوجيا. فبمجرد تخطى حدود تعليم أسس معرفة القراءة والكتابة والحساب، تصبح أشياء أخرى تأخذ أهمية أكبر مثل تماسك تجربة التعلم، أو الديناميكيات الاجتماعية للطلبة الذين تتعلم معهم.
وفي هذا الصدد، عندما نحاول تحديد ما يبدو عليه شكل التعلم التكيفي أو كيف ينبغي أن يبدو، يجب أن نفكر في ما يفعله المعلمون العظيمون وكيف يمكننا دعم تجربتهم. المعلمون الجيدون حقاً هم على الحقيقة مدربون مؤثرون. إنهم يفكرون في أهمية صياغة أو بناء تجربة مشتركة في الصف الدراسي تبقى متوافقة مع الاحتياجات الشخصية بدعامات مناسبة لكل طالب - كل ذلك مع الاهتمام بالتغذية الراجعة التي يحصلون عليها من الطلبة على اختلافهم. إنه نشاط مشترك بوسائط مختلفة من التغذية الراجعة الدقيقة – وهو بالطبع ما تقوم به الآلات بشكل جيد. على هذا النحو، يجب أن نستخدم التكنولوجيا لجعل هذا النوع من التعليم متاحاً للمدرس على نطاق واسع، مما يؤدي إلى صفوف دراسية أكثر تحفيزاً - أفضل للمعلمين والأهم من ذلك، للطلبة.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: من المؤكد أنه من مصلحتنا أن يكون لدينا صفوف دراسية محفزة وعالية الطاقة. كيف يمكننا أن نجعل تكنولوجيا التعلم وأنظمتنا التعليمية أكثر فعالية لخدمة هذا الغرض؟ ما هي البيانات التي نحتاج لاستقائها ولم نستقها الآن؟
لاري بيرغر: مجموعة البيانات التي أعتقد أنها فعّالة للغاية، ولكنها في الغالب ممثلة تمثيلاً ناقصاً، هي "بيانات الإنتاجية"؛ أي ما هو مقدار العمل الذي يقوم به الطلبة؟ إذا اضطررت إلى الاختيار بين بيانات الإنتاجية والبيانات الأكاديمية، فسوف أختار البيانات المتعلقة بالجهد، حيث إنها في نهاية الأمر مهمة جداً. بالإضافة إلى ذلك، من المهم استقاء بيانات حول سلوك المعلم - لأن هذا هو ما نريد تغييره. على سبيل المثال، هل يمكننا استقاء معلومات حول كمية التغذية الراجعة التي يقدمها المعلم للطلبة؟ يمكنني أن أضمن لك أن الصفوف الدراسية التي يحصل فيها الطلبة على المزيد من التغذية الراجعة من معلمهم ستكون هي الصفوف التي يحقق فيها الطلبة أداءً أفضل.
وأخيراً، أود أن أضيف أنه من المهم وجود نظرية واضحة عن كيفية تعلم الطلاب وكيفية تقدمهم من خلال مفهوم معين، أو مجموعة من المفاهيم، قبل أن نبدأ في جمع البيانات حول تقدم تعلمهم. الأساس المنطقي وراء ذلك هو أن استقاء نقاط بيانات متعددة ضمن تسلسل تعلم صحيح يسمح لنا بأن نكون أكثر ثقة في تشخيصنا للثغرات في التعلم. على سبيل المثال، إذا قمت باختبارك بالجمع، يجب أن أتأكد من اتباع نهج شمولي للخطوات الخاطئة التي تقوم بها للتأكد من أنك بالفعل لا تفهم الجمع - بدلاً من أنك مشتت الانتباه أو تواجه مشاكل في استخدام التكنولوجيا.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: إذا، نحن أفضل حالاً باستخدام أنظمة البيانات للتقييم التكويني بدلاً من التقييم التلخيصي الأكثر عزلة. من خلال التركيز على توفير التعلم ذا الجودة على نطاق واسع، برأيك، ما مدى فعالية دورات أو حركة المساقات الجماعية المفتوحة المصادر على شبكة الإنترنت (MOOCs)؟
لاري بيرغر : من المهم التنويه بأنني لست خبيراً في المساقات الجماعية المفتوحة المصادر على شبكة الإنترنت لكني أدرك أن معدلات إكمال التعليم في هذه المساقات هي مشكلة حقيقية تشكك في النموذج بأكمله - ويبدو أن ذلك يمثل مشكلة في المقام الأول للمتعلمين لمواضيع جديدة لم يدرسوها من قبل.
إذا رجع الأمر لي، سأبدأ في تصميم هذه المساقات من الافتراض أن المادة التعليمية جديدة على الطلاب. إذا وضعنا هذا الافتراض، فمن الواضح أن وضع شخص ذكي على شاشتك لإخبارك بأشياء، وإعطائك فرصاً للممارسة لن يكون كافياً. بالطبع، هناك الكثير من العوامل الأخرى التي قد تفسر لماذا لا تتفاعل مع موضوع ما أو تفهمه - وبهذا المعنى، قد يؤدي اتباع منهج أكثر عملية وبنائية للتعلم إلى جعل هذه المساقات أكثر نجاحاً.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: وهذا منظور قيّم للغاية. لنواصل، إذا استطعنا أن نلقي نظرة عالية المستوى وننظر للنظام برمته: برأيك، هل الشركات التعليمية الناشئة مختلفة عن غيرها من الشركات؟
لاري بيرغر: تستغرق الشركات في قطاع التعليم وقتاً أطول بكثير لمعرفة نفسها - وهذا يرجع في المقام الأول إلى أن المشكلات معقدة وتتمحور حول الإنسان - فكّر في مدة دورات أبحاث الأدوية. هناك حاجة ماسة للصبر يستصعبها رواد الأعمال لأنهم بطبيعتهم غير صبورين. وبالمثل، يشعر المستثمرون بالقلق إزاء شركات التعليم الناشئة ويجاهدون للعثور على الصبر لمهلة المكافأة / المخاطرة الزمنية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم إدراك أن منتجات التعليم فريدة أيضاً من حيث أن لها مجموعات مختلفة من العملاء المترابطين. وأخيراً، من المهم إدراك أن التعليم يجب أن يكيّف محلياً أو إقليمياً ليتوافق مع حاجات المتعلمين المعنيين - لذا، فإن السياقية مهمة بشكل فريد تقريباً. نحن بحاجة إلى الاستماع بعناية إلى المجتمعات المحلية لفهم ما تريده.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: ضمن هذه المجموعة من الاعتبارات المعقدة بشكل هائل، ما هي النصيحة التي تقدمها لرواد الأعمال في هذا المجال حول الكيفية التي يمكنهم بها إيجاد منتج يستجيب لحاجات السوق.
لاري بيرغر: نصيحتي الختامية هي أن نستمع فعلياً إلى المعلمين. وبالطبع، هناك الكثير من أصحاب المصلحة الآخرين، ولكن إذا كان ما تفعله لا يهم المعلمين، فإنه لا يهم النظام التعليمي. تحتاج أيضاً إلى تجاوز مجرد الاستماع إلى ما يقولونه - لأنهم أحياناً قد تم تعليمهم قول أشياء معينة - ولكن بالفعل مراقبة ما يفعلونه. لم أقابل أبداً أي رائد أعمال في مجال التعليم قضى الكثير من الوقت في الصف الدراسي. وبطبيعة الحال، سلوك الطلبة مهم أيضاً، ولكن ينتهي الأمر بكون المعلمين هم المحور الأساسي.
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: هذه ملاحظة رائعة ننهي بها. شكراً جزيلاً لك لاري على وقتك اليوم.